مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥١٢
قلت: ابن القرطبي بضم القاف وسكون الراء - ثم طاء مهملة - وهو ابن شعبان، ونص ما قاله في الزاهي: وليس عليه في التيمم من التقصي في الغضون ما عليه في الوضوء، لان المسح تخفيف والوضوء إيعاب، ويخلل المتيمم بين أصابع يديه وهو في التيمم أقوى شئ لأن الماء يبلغ ما لا يبلغ التراب انتهى. وظاهر كلام اللخمي قبوله وأنه الجاري على المشهور، وجعل مقابله مخرجا على قول ابن مسلمة كما في مسألة نزع الخاتم ونصه: ويختلف في تيمم ما تحت الخاتم في تخليل الأصابع، فقال ابن عبد الحكم: ينزع الخاتم، وقال ابن شعبان: يخلل أصابع يديه، ثم ذكر قول ابن مسلمة ثم قال: فعلى هذا القول يصح تيممه وإن لم ينزع الخاتم أو لم يخلل الأصابع انتهى. وصرح ابن بشير بأنه يخلل أصابع يديه فقال بعد أن ذكر صفة التيمم: فإذا مسح على هذه الصفات فإنه يخلل أصابع يديه، ثم قال: وإن كان في الأصابع خاتم أزيل. هذا هو المنصوص وإن لم يزله لم يجز له التيمم. واستقرأ اللخمي من قول ابن مسلمة أنه إن لم ينزع الخاتم أجزأه انتهى.
قلت: فإذا علم هذا فقد صح قول ابن الحاجب قالوا ويخلل أصابع يديه ولا ينافي ذلك قول ابن أبي زيد لا أعرفه لغير ابن شعبان لأنه لم يعرفه لاحد من المتقدمين غير ابن شعبان، ومراد ابن الحاجب قالوا: إنه قال جماعة من أهل المذهب ولو كانوا ناقلين له عن ابن شعبان لأنهم إذا قبلوه فكأنهم قالوه، ولا يلزم من كون المسح مبنيا على التخفيف عدم التخليل عند من يقول بوجوب التخليل في الوضوء، لأنه قد حكم لما بين الأصابع بحكم الظاهر وهو كثير فيجب مسحه كما يجب مسح ما تحت الخاتم لأنه أضعاف ما يستره الخاتم. وقد قال صاحب الطراز في قول ابن عبد الحكم: ينزع الخاتم نحو قول ابن شعبان، ومقتضى المذهب أنه لا ينزعه وهو أخف من الوضوء، وتقدم اختلاف قول مالك في تخليل الأصابع في الوضوء، فإن قلنا يجب في الوضوء لم يبعد أنه يجب في التيمم انتهى. ونقل صاحب الذخيرة كلام صاحب الطراز.
فرع: تقدم في كلام ابن شعبان أنه لا يتتبع الغضون، ونقله المصنف في التوضيح كما تقدم ونقله غيره. وقال الجزولي في شرح قول الرسالة: يمسح بهما وجهه كله مسحا. قال أبو عمران إنما زاد قوله مسحا ليبين أن المسح مبني على التخفيف فلا يتتبع الغضون وفيه قولان انتهى باختصار، وقال في الارشاد، ويراعي الوترة وحجاج العينين والعنفقة إن لم يكن عليها شعر انتهى والله تعالى أعلم. وقال في الطراز: وليس على المتيمم تتبع غضون وجهه، وعليه (أن يبلغ بيديه حيث ما يبلغ بهما في غسل الوجه ويمرهما على شعر لحيته الطويلة على نحو ما جرى في الوضوء، وما لا يجزيه الاقتصار عليه في الوضوء ولا يجزيه ذلك في التيمم، وخفف
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست