مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٤
قوله تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * (المائدة: 4) وقيل: أراد تضعيف الوجوب. وقيل:
توقيت العدد. والأشبه عندي أن يريد الوجوب كما نحا إليه القابسي انتهى. وما اختاره عياض قال في التوضيح: هو الأشهر ولا يخفى ما في الوجهين الأخيرين من الضعف، لان الحديث صحيح ومعارضة الآية منتفية لامكان حمل الحديث على النهي عن اتخاذه، والمراد بالآية بعد غسل الصيد، أو تقييد الحديث بالماء فقط انتهى بالمعنى. وفهم سند الاستحباب إن كان نفي الماء وحده قال: فإنه يفهم منه الترخيص وعدم التحتم. وظاهر كلام ابن الحاجب أن الاستحباب والوجوب روايتان قال: وفي وجوبه وندبه روايتان. قال ابن فرحون: وظاهر كلام القاضي عبد الوهاب أنهما مستنبطان، فالاستحباب مما تقدم، والوجوب تعلقا بظاهر الامر.
وظاهر كلام ابن عرفة كابن الحاجب قال: ويغسل الاناء لولوغ الكلب من مائه سبعا ندبا، وروي وجوبا. واقتصر صاحب التلقين على القول بالندب، واقتصر صاحب الارشاد على القول بالوجوب وبه جزم صاحب الوافي. وقال القرافي: إنه ظاهر المذهب والله أعلم. وقوله: إناء ماء يعني أن استحباب الغسل مختص بما إذا ولغ في إناء فيه ماء، وأما إذا ولغ في إناء فيه طعام أو ما ليس في إناء بل في حوض أو بركة فإنه لا يندب غسل إناء الطعام ولا الحوض هذا هو المشهور. وروى ابن وهب يغسل إناء الطعام أيضا. قال في التوضيح: بنى المازري الخلاف على خلاف أهل الأصول في تخصيص العموم بالعادة إذ الغالب عندهم وجود الماء لا الطعام.
قال ابن هارون: ويحتمل أن يبني على أن الولوغ هل يختص بالماء أو يستعمل فيه وفي غيره؟
وجزم ابن رشد ببنائه على الثاني، واستظهر ابن عبد السلام الثاني، وذكر البرزلي أنه المشهور.
ووجه سند المشهور بأن الغسل تعبد لان لعاب الكلب طاهر فيختص بما ورد فيه. قوله: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم إنما ينصرف إلى الأغلب والأغلب أن الأواني التي تبتذلها الكلاب هي أواني الماء لا أواني الزيت والعسل وشبهه من الطعام فإنها مصانة في العادة.
فرع: قال ابن عرفة: وعلى غسل إناء الطعام في طرحه ثالثها إن قل لابن رشد عن روايتي ابن وهب وابن القاسم والمازري مع اللخمي عن مطرف وابن الماجشون لا يطرح ولو عجن بمائه طرح لأنها نجاسة أدخلها المكلف.
فرع: قال سند: إذا قلنا: بغسل إناء الطعام، فلو كان الطعام جامدا فلحس منه الكلب هل يغسل اعتبارا بالمائع أو لا يغسل كما لو خطف سهم لحم من الجيفة أو طائرا وقع في إناء؟
والظاهر أنه يغسل لعموم الحديث، فإن ذلك يعد ولوغا بخلاف ما خطفه، وعند الشافعي
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست