مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
يغسل جميع ذلك انتهى. والخلاف في إناء الطعام، وأما الحوض فلم أر فيه خلافا. قال في التوضيح: الغسل مختص بالإناء فلو ولغ في حوض لم يغسل لأنه تعبد. قال ابن ناجي وما ذكره لا أعرفه، وظاهر المذهب خلافه وإنما ذكر الاناء في الحديث لأنه الأعم الأغلب، وقاله شيخنا أبو مهدي.
قلت: قال في المدونة قال مالك: ومن توضأ بماء قد ولغ فيه الكلب وصلى أجزأه قال عنه علي: ولا إعادة عليه. وإن علم في الوقت قال عنه علي وابن وهب: ولا يعجبني ابتداء الوضوء به إن كان الماء قليلا، ولا بأس به في الكثير كالحوض ونحوه، وفي آخر سماع أبي زيد: لا بأس بالوضوء من الحياض وإن كانت الكلاب تشرب منها. قال ابن رشد: ما ذكره صحيح لقول عمر: لا تضرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا، ولقوله عليه الصلاة والسلام: لها ما أخذت في يطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا والكلب أيسر مؤنة من السباع إذ قيل: إنه محمول على الطهارة حتى يوقن أن فيه نجاسة. ثم قال: وفي الجلاب أن سؤر الكلب والخنزير مكروهان من الماء إلا أن يكون في خطمهما نجاسة، ومعناه إذا شرب من الماء اليسير، وأما إذا شرب من الماء الكثير ومن الحوض فلا وجه للكراهة فيه لما ذكرناه والله تعالى أعلم انتهى. وقال صاحب الجمع: قصر الغسل على إناء الماء صواب لما فيه من التعبد ثم قال: فلو ولغ في حوض أو نهر لا يتعدى الحكم إليه لأنه تعبد، أو لكثرته فيضعف الخلاف، أو للحمل على الغالب انتهى.
فكلام المدونة والعتبية يدل على أن الإراقة وكراهة استعمال الماء وغسل الإناء إنما ذلك في إناء الماء لا في الحوض، وكلام صاحب الجمع صريح في ذلك. وقوله: ويراق يحتمل أن يريد أنه يستحب غسل الإناء بعد أن يراق الماء الذي ولغ فيه الكلب، ويحتمل أن يريد أنه يستحب أن يراق الماء الذي ولغ فيه الكلب، وهذا هو الظاهر من كلامهم والله تعالى أعلم. ولا يراق الطعام هذا هو المشهور، وفرق بينهما مالك باستجازة طرح الماء قال: وأراه عظيما أن يعمد إلى رزق الله تعالى فيلقى الكلب ولغ فيه. وقيل: يراق الماء والطعام. قال في التوضيح: بناء على التعليل بالنجاسة. وقيل: لا يراقان للتعبد، ونسب لابن القارم. وقيل: سؤر المأذون طاهر وسؤر غيره نجس. وقيل: يفرق بين البدوي فيحمل على الطهارة والحضري فيحمل على النجاسة. وقيل: يسير الماء كالطعام ولا يراق الحوض كما تقدم عن المدونة ولم أر فيه خلافا.
فرع: قال صاحب الجمع: وهل يشرب ذلك الماء ويؤكل ما عجن به؟ إن قلنا: بأن الغسل تعبد أو لتشديد النهي جاز، وإن قلنا: للنجاسة أو للقذارة أو مخافة الكلب منع انتهى.
وفي المقدمات: وعلى القول بأنه يغسل سبعا تعبدا يجوز شربه ولا ينبغي الوضوء به إذا وجد غيره للخلاف في نجاسته، وعلى أنه للنجاسة لا يجوز شربه.
فرع: وهل يغسل الاناء بالماء المولوغ فيه؟ وفي ذلك قولان حكاهما ابن بشير وابن
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست