وزاد بعدما ذكره عن ابن شعبان: وهذا شذوذ. ولعل هذه اللفظة سقطت من نسخة المصنف وإلا لذكرها فإنها أبين في تضعيف ما صححه ابن الحاجب مما نقله المصنف، ولذا عزا ابن عرفة القول الأول لنقل ابن رشد عن شاذ قول ابن شعبان وكلام العتبية الذي أشار إليه ابن ناجي رحمه الله تعالى هو قوله في المسألة التي هذا شرحها: سئل مالك عن نضح الثوب فقال:
تخفيف. قال رسول الله (ص): اغسل ذكرك وأنثييك وانضح. وكان عبد الله ينضح، وهو حسن. وتخفيف يريد تخفيفا لما شك فيه فإن ظاهر ما قاله يقتضي النضح في الجسد. وقال في المدونة: ولا يغسل أنثييه من المذي إلا أن يخشى إصابته إياهما. فأخذ منه الباجي أنه إذا خشي إصابتهما يغسلهما. ورد المازري الاخذ بأنه تعلق بدليل الخطاب. قال ابن عرفة: وفيه نظر، وضعف ابن عبد السلام وغيره الاخذ لجواز كون الاستثناء منقطعا أي لكن إن خشي إصابتهما وجب النضح. وقال بعضهم: معنى إلا أن يخشى إصابتهما إلا أن يتيقن إصابتهما. قال ابن ناجي: ولا أعرفه. وقال عبد الحق وسند: ظاهر المدونة الغسل في الجسد مع الشك وفرقا بينه وبين الثوب بأن النضح على خلاف القياس فيقتصر على ما ورد فيه، وإنما ورد في الحصير وفي الثوب ولأنه لا ضرورة في غسل الجسد بخلاف الثوب فإنه ينتظر جفافه. قال في التوضيح:
وإنما قالا ظاهر المدونة لأنه لما نص على خصوص الجسد أمر بالغسل وإنما أخذ النضح فيه من تعميمه بقوله: هو طهور لكل ما شك فيه، وهو محتمل للتخصيص انتهى. بل القاعدة أن الخاص يقدم على العام، واعترض صاحب الذخيرة على ابن شاس في قوله: إن ظاهر المذهب مساواة الجسد للثوب بما قاله سند وعبد الحق. والحاصل أن القول بغسل الجسد أقوى من القول بنضحه.
تنبيهات: الأول: اللفظ المتقدم عن المدونة في مسألة المذي هو الذي في الأمهات، واختصرها البراذعي بلفظ: إلا أن يصيبها منه، واعترضه عبد الحق بأن اللفظ الذي ذكره لا يقتضي الغسل مع الشك بخلاف لفظ الأمهات، وهذا هو الذي أشار إليه ابن ناجي بقوله:
هو مقتضى ما في العتبية واختصار البراذعي.
الثاني: ذكر صاحب الجمع عن ابن رشد أن ابن شعبان قال: يغسل الجسد وهو غريب، والظاهر أنه وهم.
الثالث: قال ابن ناجي: اختلف في البقعة، فقال ابن جماعة: لا يكفي النضح فيها باتفاق ليسر الانتقال إلى المحقق، ونحوه لابن عبد السلام. وقال الشيخ أبو عبد الله السطي:
ظاهر المدونة ثبوت النضح فيها، قال: ومثله في قواعد عياض. وزعم التادلي أنه متفق عليه، ولا يقال: هو ظاهر استدلال ابن يونس على مشروعية النضح بنضحه عليه الصلاة والسلام الحصير، لأنا نقول الحصير كالثوب لمشقة غسلها انتهى. وأصله لابن عرفة في مختصره. قال