خاتما في خنصر اليمنى وخاتما في خنصر اليسرى هل يجوز ذلك أو يمنع؟ ويحمل أنه تختم في يمينه ويساره على البدلية انتهى. وفي الجامع من نوازل ابن رشد: ومنها أنك سألت عن وجه كراهة مالك التختم في اليمين مع ما روي عن النبي (ص) أنه كان يحب التيامن في أموره كلها، وهل يسامح الأعسر في ذلك أم لا؟ وهل بين قريش وغيرهم في ذلك فرق؟ فأجاب ما ذهب إليه مالك رحمه الله تعالى من استحسان التختم في اليسار هو الصواب، والحديث الذي ذكرته حجة له لا عليه، وذلك أن الأشياء إنما تتناول باليمين على ما جاءت به السنة فهو إذا أراد التختم تناول الخاتم بيمينه فجعله في يساره، وإذا أراد أن يطبع به على مال أو كتاب أو شئ تناوله بيمينه من شماله فطبع به ثم رده في شماله إذا ضل ما اتخذ الخاتم للطبع به على ما جاء أن النبي (ص) أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابا غير مطبوع. ثم قال: ولا فرق بين الأعسر وغيره ولا بين القرشي وغيره انتهى. وقوله في الحديث:
فصه منه كذا في البخاري. قال ابن حجر: ولا يعارضه ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن من أن فصه كان حبشيا لأنه يحمل على التعدد. ومعنى قوله: حبشيا أي حجرا من بلاد الحبشة أو على لون الحبشة أو كان جزعا أو عقيقا لأنه قد يؤتى به من الحبشة، ويحتمل أن يكون هو الذي فصه منه ونسبه إلى الحبشة لصفة فيه، إما صناعة أو نقش انتهى. والفص بفتح الفاء قاله الجوهري. وحكى عن غيره فيه الكسر، وحكى ابن مالك وغيره التثليث.
فرع: ويجوز نقش الخواتم ونقش أسماء أصحابها عليها ونقش اسم الله فيها. قال في الاكمال: وهو قول مالك. وقال ابن حجر عن ابن بطال. وقد مال مالك من شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم في خواتمهم، وكرهه بعض العلماء، وكان نقش خاتمه عليه الصلاة والسلام: محمد رسول الله ونقش خاتم مالك: حسبي الله ونعم الوكيل. وخرج الترمذي والنسائي وابن حبان عن عبد الله بن بريدة قال: جاء رجل إلى النبي (ص) وعليه خاتم من حديد فقال: ما لي أرى عليك حلية أهل النار فذكر الحديث إلى أن قال: من أي شئ أتخذه؟
قال (ص): من ورق ولا تتمه مثقالا. وفي كلام الجزولي والشيخ يوسف بن عمر التعبير بلا يجوز في الحديد والنحاس، والظاهر أن المراد به الكراهة كما تقدم، وأما التختم بالعقيق واليسير ونحوه فلم أر فيه نصا إلا ما تقدم في حديث مسلم أن فصه كان حبشيا. وفي كلام الشيخ يوسف بن عمر ما يقتضي جوازه من الجلد والعود ونحو ذلك وهو طاهر.
تنبيه: قال ابن حجر: أخرج أبو داود والترمذي من طريق إياس بن الحارث عن جده قال: كان خاتم النبي (ص) من حديد ملويا عليه فضة، فيحمل على التعدد. ويجمع بينه وبين الحديث المتقدم في النهي عن التختم بالحديد، وأن يحمل على ما كان حديدا صرفا قال: وقد قال النقاش في كتاب الأحجار: خاتم البولاذ مطردة للشياطين إذا لوى عليه فضة فهذا يؤيد