لا يصلى عليه وهو خلاف لفظي. ولفظ ابن رشد في سماع أشهب من كتاب الطهارة المشهور من قول مالك المعلوم من مذهبه أن جلد الميتة لا يطهره الدباغ، وإنما يجوز الانتفاع به في المعاني التي ذكرت. وقوله: ورخص فيه مطلقا في كثير من النسخ بالبناء للمفعول، وفي بعضها بالبناء للفاعل ويكون عائدا إلى مالك لأنه إمام المذهب وعلى ذلك شرحه بعض الشارحين.
فرع: قال ابن مرزوق: عموم قوله: مطلقا يقتضي دخول جلد الانسان ولم أر من نص عليه، وليس فيما نقله ابن حزم من الاتفاق على أنه لا يحل سلخه ولا استعماله ما يدل على التنجيس لاحتمال أن يكون ذلك لحرمته، وخرج بعضهم الخلاف فيه على الخلاف في سائر الجلود حتى جلد الخنزير.
قلت: فيما قاله نظر لأنه إن كان المراد الحكم بنجاسته وأنه لا يطهر بالدباغ فجلود الميتات كلها نجسة ولو دبغت على المشهور وهو منها على القول بنجاسة ميتته، وإن كان المراد الترخيص في الاستعمال فقد دل كلام ابن حزم على أنه لا يحل استعماله باتفاق فقد حصل الغرض فتأمله. ص: (إلا من خنزير) ش: هذا هو الذي مشى عليه ابن الحاجب وغيره، وذكر ابن الفرس في أحكام القرآن أن المشهور من المذهب أن جلد الخنزير كغيره ينتفع به بعد الدبغ.
وقد اختلف أهل اللغة هل الإهاب خاص بجلد الانعام أو يطلق على جلد غيرها أيضا؟ ذكره ابن رشد في سماع أشهب من كتاب الطهارة والله أعلم. ص: (بعد دبغه) ش: قال في الجواهر: وكيفية الدباغ الفضلات بالأشياء المعتادة في ذلك. قال ابن نافع: ولا يكفي التشميس. وقال ابن عرفة: روى الباجي الدبغ ما أزال شعره وريحه ودسمه ورطوبته. ونقله الآبي في شرح مسلم ثم قال: ولا يخفى عليك ما في اشتراط زوال الشعر من النظر لما يأتي في حديث الأقربة. والأظهر أن الدبغ ما أزال الريح والرطوبة وحفظ الجلد من الاستحالة كما تحفظه الحياة، ولعل ما في الرواية في الجلود التي الشأن فيها زوال الشعر كالتي يصنع منها الأنعلة لا التي يجلس عليها وتصنع منها الأفرية، وإنما يلزم زوال الشعر على مذهب الشافعي القائل بأن صوف الميتة نجس، وأما عندنا فلا، والظاهر ما ذكره الآبي. واقتصر ابن ناجي في شرح الرسالة على ما ذكره الباجي كما فعل ابن عرفة. وقال في الطراز: الظاهر أنه لا يعتبر في الدبغ آلة. وفي الموازية لحيي بن سعيد: ما دبغ به جلد الميتة من دقيق أو ملح أو قرظ فهو له طهور وهو صحيح فإن حكمة الدباغ إنما هي بأن يزيل عفونة الجلد ويهيئه للانتفاع به على الدوام فما أفاد ذلك جاز به انتهى.