نجسة. وكذلك القراد والذباب كما صرح به صاحب الجمع عن ابن هارون وشهر المصنف وصاحب الشامل القول بنجاسة القملة لقول ابن عبد السلام في آخر صلاة الجماعة: المشهور أن لها نفسا سائلة. ويفهم من اقتصار المصنف على القملة ترجيح القول بطهارة ما عداها، وكذلك يفهم من كلام ابن عبد السلام في ذلك الموضع فإنه قال: البرغوث ليس له نفس سائلة، وأما القملة فالمشهور أن لها نفسا سائلة فيفهم منه ترجيح الفرق بين القملة والبرغوث.
وهذا القول حكاه في التوضيح عن بعضهم فقال: ومنهم من قضى بنجاسة القملة لكونها من الانسان بخلاف البرغوث لأنه من تراب، ولأنه وثاب فيعسر الاحتراز منه انتهى. ولا شك أن البعوض والذباب والبق مثل البرغوث فيما ذكر، واقتصر في الجلاب على أن الذباب والبعوض مما ليس له نفس سائلة. وجزم في التوضيح في الكلام على الميتات بأن الذباب لا نفس له سائلة فقال: المراد بالنفس السائلة ما له دم وربما قالوا: وليس بمنقول فإن الذباب مما لا نفس له سائلة، وقد وجد فيه دم وعد في أواخر سماع أشهب من كتاب الصيد والذبائح الحكم فيما ليس له نفس سائلة. ولا شك أن القراد مثله فتحصل من هذا أن ما كان دمه منقولا فإن الراجح فيه أنه مما ليس له نفس سائلة إلا القملة، وذلك لا ينافي الحكم بنجاسة الدم المسفوح من الذباب وشبهه، ألا ترى أنه يحكم بنجاسة المسفوح من السمك مع الاتفاق على طهارة ميتته والله أعلم.
فرع: اختلف المتأخرون فيمن حمل قشرة القملة في الصلاة فقال البرزلي: كان شيخنا أبو القاسم الغبريني يفتي بأن قشرها نجس وينقله عن ابن عبد السلام ويقول: حامل القشرة بمنزلة من صلى بنجاسة يفرق بين عمده وسهوه، وكان شيخنا ابن عرفة يفتي بخفة ذلك، فالأول حملها على أن لها نفسا سائلة، وحملها الثاني على أن أصل المذهب قول سحنون إنه ليس لها نفس سائلة. وذكر ابن ناجي في شرح المدونة عن الشبيبي أنه كان يفتي بأنه لا شئ عليه في ثلاث فأقل، وتبطل صلاته فيما زاد على ذلك ولعله استخف ذلك للضرورة.
فائدة: قال ابن مرزوق: وسمعت عن بعض من عاصرته من الفضلاء الصالحين رحمه الله أنه كان يقول: من احتاج إلى قتل قملة في ثوبه أو في المسجد على القول بنجاستها ينوي بقتلها الذكاة ليكون جلدها طاهرا فلا يضره، ولا أدري هل رأى ذلك منقولا أو قاله من رأيه إجراء على القواعد. وهو إن كان محتملا لأبحاث لا بأس به انتهى.
قلت: وهذا ينبني على أن القمل مباح أكله أو مكروه ولم أر في ذلك نصا صريحا بل رأيت في حياة الحيوان للدميري من الشافعية أن القمل حرام الاجماع، أو يكون بنى ذلك على طريقة ابن شاس في أن الذكاة تعمل في محرم الاكل وتطهره.
فرع: الصئبان الذي يتولد من القمل لم أر فيه نصا ولا شك في طهارته على القول بأن القملة لا نفس لها سائلة، وأما على المشهور فهو محل نظر، والظاهر أنه طاهر أو معفو عنه