ولا يرجع، وأنه لو كان لميت دين على شخص، فشهد أجنبيان لرجل بأنه أخو الميت، ثم شهد الغريمان لآخر بأنه ابنه، لم تقبل شهادة الغريمين، لأنهما ينقلان ما عليهما للأخ إلى الآخر بخلاف ما لو تقدمت شهادة الغريمين، وأنه لا تقبل شهادة الوارثين على موت المورث، ولا شهادة الموصى لهما على الموصى، وتقبل شهادة الغريمين على موت من له الدين، لأنهما لا ينتفعان بهذه الشهادة، ولا ينظر إلى نقل الحق من شخص إلى شخص، لأن الوارث خليفة المورث، فكأنه هو، ولو شهد شهود بقتل الخطأ، فشهد اثنان من العاقلة بفسق شهود القتل، لم تقبل شهادتهما، لأنهما يدفعان ضرر التحمل. ولو شهد اثنان على مفلس بدين، فشهد غرماؤه الآخرون بفسقهما، لم تقبل شهادتهم، لأنهم يدفعون عنه ضرر المزاحمة. ولو شهد اثنان لاثنين بوصية من تركة، فشهد المشهود لهما للشاهدين بوصية للشاهدين، فوجهان، أحدهما: لا تقبل الأربعة، لتهمة المواطأة، بوصية للشاهدين، فوجهان، أحدهما لا تقبل الأربعة، لتهمة المواطأة، والصحيح قبول الشهادتين، لانفصال كل شهادة عن الأخرى، ولا يجر بشهادته نفعا، ولهذا قلنا: تقبل شهادة بعض القافلة لبعض في قطع الطريق إذا قال كل واحد منهم: أخذ مالي فلان، ولم يقل: أخذ مالنا.
السبب الثاني: البعضية، فلا تقبل شهادة أصل ولا فرع. وروى ابن القاص قولا قديما أنها تقبل، واختاره المزني، وابن المنذر، والمشهور الأول، ولا تقبل لمكاتب ولده أو والده، وما دونهما. ولو شهد اثنان أن أباهما قذف ضرة أمهما أو طلقها أو خالعها، ففي قبول شهادتهما قولان، الجديد الأظهر: القبول. ولو ادعت الطلاق، فشهد لها ابناها، لم يقبل، ولو شهدا حسبة ابتداء، قبلت، وكذا في الرضاع، ولو شهد الأب مع ثلاثة على زوجة ابنه بالزنى، فإن سبق من الابن قذف، فطولب بالحد، فحاول إقامة البينة لدفعه، لم يقبل، وإن لم يقذف أو لم يطالب بالحد، وشهد الأب حسبة، قبلت شهادته.
فرع في يد زيد عبد ادعى شخص أنه اشتراه من عمرو بعدما اشتراه عمرو من زيد صاحب اليد وقبضه، وطالبه بالتسليم فأنكر زيد جميع ذلك، فشهد ابناه للمدعي بما يقوله، فقولان حكاهما أبو سعد الهروي، أحدهما: لا يقبل لتضمنها إثبات الملك لأبيهما، وأظهرهما القبول، لأن المقصود بالشهادة في الحال المدعى وهو أجنبي.