ومنها: أنه لا يشترط ضبط جميع مواضع الاجماع والاختلاف، بل يكفي أن يعرف في المسألة التي يفتي فيها أن قوله لا يخالف الاجماع، بأن يعلم أنه وافق بعض المتقدمين، أو يغلب على ظنه أن المسألة لم يتكلم فيها الأولون بل تولدت في عصره، وعلى قياس معرفة الناسخ والمنسوخ. ومنها: أن كل حديث أجمع السلف على قبوله أو تواترت عدالة رواته فلا حاجة إلى البحث عن عدالة رواته، وما عدا ذلك ينبغي أن يكتفي في عدالة رواته بتعديل إمام مشهور عرفت صحة مذهبه في الجرح والتعديل.
قلت: هذه المسألة مما أطبق جمهور الأصحاب عليه، وشذ من شرط في التعديل اثنين، وقوله: تواترت عدالة رواته يعني مع ضبطهم. ولو قال: أهلية رواته كان أولى ليشمل العدالة والضبط. وقوله: أجمع السلف على قبوله يعني على العمل به، ولا يكفي عملهم على وفقه، فقد يعملون على وفقه بغيره. والله أعلم.
ومنها: أن اجتماع هذه العلوم إنما يشترط في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الشرع، ويجوز أن يكون للعالم منصب الاجتهاد في باب دون باب، وعد الأصحاب من شروط الاجتهاد معرفة أصول الاعتقاد. قال الغزالي: وعندي أنه يكفي اعتقاد جازم، ولا يشترط معرفتها على طرق المتكلمين وبأدلتهم التي يحررونها.
الشرط الرابع: البصر، فلا يصح تولية أعمى وفي جمع الجوامع للروياني وجه أنه يجوز، والصحيح الأول وبه قطع الجمهور، لأنه لا يعرف الخصوم والشهود.
الخامس: التكليف، فلا يصح تولية الصبي.
السادس: العدالة فلا يصح تولية فاسق ولا كافر ولو على الكفار، قال الماوردي: وما جرت به عادة الولادة من نصب حاكم بين أهل الذمة، فهو تقليد