الدعوى على الغائب أن ينصب مسخرا ينكر على الغائب وجهان أحدهما: نعم لتكون البينة على إنكار منكر، وأصحهما ما ذكره البغوي، لأن الغائب قد يكون مقرا، فيكون إنكار المسخر كذبا. ومقتضى هذا التوجيه أن لا يجوز نصب المسخر، لكن الذي ذكره أبو الحسن العبادي وغيره أن القاضي مخير إن شاء نصب وإلا فلا.
الطرف الثاني: في التحليف، فيحلف القاضي المدعي على الغائب بعد قيام البينة وتعديلها أنه ما أبرأه من الدين الذي يدعيه، ولا من شئ منه، ولا اعتاض ولا استوفى، ولا أحال عليه هو، ولا أخذ من جهته، بل هو ثابت في ذمة المدعى عليه يلزمه أداؤه، ويجوز أن يقتصر، فيحلفه على ثبوت المال في ذمته، ووجوب تسليمه، وكذا يحلف مع البينة الوارث إذا كان المدعى عليه صبيا أو مجنونا أو ميتا ليس له وارث حاضر، فإن كان حلف بسؤال الوارث، وحكى أبو الحسين الطرسوسي من أصحابنا قولا أنه لا يحلف في الدعوى مع البينة وهو مذهب المزني، والمشهور الدول، لكن هذا التحليف واجب أم مستحب؟ وجهان، ويقال: قولان، أصحهما: الوجوب، ومنهم من قطع به. ومن قال بالاستحباب قال: لأن تدارك التحليف باق، والوجوب في الميت والصبي والمجنون أولى لعجزهم عن التدارك، لكن الخلاف مطرد فيهم، حكاه أبو الحسن العبادي وجماعة، وبنى على هذا ما لو أقام قيم طفل بينة على قيم طفل، فإن أوجبنا التحليف، انتظرنا حتى يبلغ المدعى له، فيحلف، وإن قلنا بالاستحباب، قضى بها، ولا يشترط في اليمين هنا