على شهادة أصل، فردت شهادتهما لفسق الأصل، فقد صارت شهادة مردودة.
فلو تاب، وشهد بنفسه، وأعاد الفرعان شهادتهما على شهادته، أو شهد على شهادته فرعان آخران، لم تقبل، ولو ردت شهادة الفرعين، لفسقهما، لم تتأثر به شهادة الأصل.
السبب السادس: الحرص على الشهادة بالمبادرة: اعلم أن الحقوق ضربان: ضرب لا تجوز المبادرة إلى الشهادة عليه، وضرب يجوز، وتسمى الشهادة على هذا الثاني على وجه المبادرة شهادة حسبة، فحيث لا يجوز، فالمبادر متهم، فلا تقبل شهادته، والمبادرة أن يشهد من غير تقدم دعوى، فإن شهد بعد دعوى قبل أن يستشهد، ردت شهادته أيضا على الأصح للتهمة، وإذا رددناها، ففي مصيره مجروحا وجهان، الأصح لا، وبه قطع أبو عاصم، وظاهر هذا كون الخلاف في سقوط عدالته مطلقا، ويؤيده أن القاضي أبا سعد الهروي، قال: الوجهان مبنيان على أن المبادرة من الصغائر، أم من الكبائر، لكن منهم من يفهم كلامه اختصاص الخلاف برد تلك الشهادة وحدها إذا أعادها، فقد قال البغوي: وإذا قلنا: يصير مجروحا لا يشترط استبراء حاله حتى لو شهد في حادثة أخرى تقبل، فأشعر كلامه باختصار الخلاف.
فرع تقبل شهادة من احتبى وجلس في زاوية محتبيا لتحمل الشهادة، ولا تحمل على الحرص، لأن الحاجة قد تدعو إليه، وحكى الفوراني قولا قديما أنها لا تقبل، وهو شاذ، قال: وعلى المشهور يستحب أن يخبر الخصم أني شهدت عليك لئلا يبادر إلى تكذيبه، فيعزره القاضي. ولو قال رجلان لثالث: توسط بيننا لنتحاسب ونتصادق، فلا تشهد علينا بما يجري، فهذا شرط باطل، وعليه أن يشهد.
الضرب الثاني: ما تقبل فيه شهادة الحسبة، وهو ما تمحض حقا لله تعالى، أو كان له فيه حق متأكد لا يتأثر برضى الآدمي، فمنه الطلاق، وأما الخلع، فأطلق