كالاقرار، لم يحلفه، وإن قلنا: كالبينة حلفه، لأنه قد ينكل، فيحلف المدعى، ويأخذ القيمة، وكأن العين تالفة. وهل يستر العين من المقر له وفاء بتنزيله منزلة البينة؟ وإذا أوجبنا القيمة، وأخذها بإقرار المدعى عليه ثانيا، أو بيمين المدعي بعد نكوله، ثم سلمت له العين ببينة، أو يمينه بعد نكول المقر له، لزمه رد القيمة، لأنه أخذها للحيلولة وقد زالت.
فرع ادعى أن هذه الدار وقف علي، وقال من هي في يده: ملك لفلان، وصدقه المقر له، انتقلت الخصومة إليه، وليس له طلب القيمة من المقر، لأنه يدعي الوقف، ولا يعتاض عنه، كذا قاله البغوي. وكان لا يبعد طلب القيمة، لا الوقف يضمن بالقيمة عند الاتلاف والحيلولة في الحال كالاتلاف. ولو رجع الغائب وكذب المدعى عليه في إقراره، فالحكم كما سبق فيمن أضاف إلى جاحد، فكذبه، ولو أقام المقر له الحاضر، أو الغائب بعد الرجوع بينة على الملك، لم يكن للمدعي تحليف المقر، ليغرمه، لأن الملك استقر بالبينة، وخرج الاقرار عن تكون الحيلولة به.
المسألة الرابعة: اشترى ثوبا وعبدا من رجل، فادعاه آخر، أن تكون الحيلولة به نظر إن ساعده المشتري، وأقر له بما ادعاه، لم يكن له أن يرجع بالثمن على بائعة، وإن استحلف، فنكل، فحلف المدعي، وأخذ المال، قال الشيخ أبو علي: ليس له الرجوع بالثمن أيضا بلا خلاف، لتقصيره بالنكول وحلف المدعي بعد نكوله كإقراره ويجوز أن يفرض في هذا الخلاف بناء على أنه كالبينة.
قلت: هذا ضعيف أو باطل، لأن المذهب أنه إنما يكون كالبينة في حق المتنازعين دون غيرهما، وكذا نقل الشيخ أبو علي تحرير المذهب الاتفاق على عدم الرجوع. والله أعلم.