أخذا من الخلاف فيمن حج عنه، وهو معضوب، فبرأ وهذا ضعيف.
الأمر الخامس: جناية المدبر. اعلم أن الجناية على المدبر، كهي على القن، فإن قتل، فللسيد القصاص أو القيمة، ولا يلزمه أن يشتري بها عبدا يدبره، وإن جنى على طرفه، فللسيد القصاص والأرش، ويبقى التدبير بحاله. أما جناية المدبر، فهو فيها كالقن أيضا، فإن جنى بما يوجب القصاص، فاقتص منه، فات التدبير، وإن جنى بموجب للمال، أو عفي عن القصاص، فللسيد أن يفديه، وأن يسلمه ليباع في الجناية، فإن فداه، بقي التدبير. وهل يفديه بأرش الجناية، أم بالأقل من قيمته والأرش؟ فيه القولان السابقان في القن. وإن سلمه للبيع، فبيع جميعه، بطل التدبير، فإن عاد إلى ملكه، ففي عود التدبير الخلاف السابق في أول الباب، وإن حصل الغرض ببيع بعضه، بقي التدبير في الباقي.
وإن مات السيد قبل البيع، واختيار الفداء، فطريقان، أصحهما: أن حصول العتق على الخلاف في نفوذ عتق الجاني، فإن نفذناه أخذ الفداء من تركة السيد، ويكون الفداء أقل الأمرين بلا خلاف، لأنه تعذر تسليمه للبيع، وإن لم ننفذه، فالوارث بالخيار بين أن يفديه، فيعتق من الثلث، أو يسلمه للبيع. وإن كان في ثلث المال سعة، فإذا بيع، بطل التدبير. وقد سبق في البيع أن المذهب أن إعتاق الجاني ينفذ من الموسر دون المعسر.
والطريق الثاني أنه إن وفى الثلث بقيمة الرقبة والفداء، لزم الورثة تحصيل العتق، وإلا فيخرج على هذا الخلاف. ولو كانت جناية المدبر تستغرق ثلث الرقبة مثلا، ومات السيد، ففداه الوارث من ماله، ففي ولاء ذلك الثلث وجهان، هل هو للوارث أو المورث بناء على أن إجازة الوارث تنفيذ أم عطية. ولو جنت مدبرة، ولها ولد صغير، وقلنا بسراية التدبير إليه، فوجهان: أحدهما: يبيع الولد معها حذرا من التفريق، ولا يبالي بفوات التدبير فيه. والثاني، يبيعها وحدها، ويحتمل التفريق للضرورة، حفظا للتدبير في الولد، وهو كالخلاف فيمن رهن الجارية دون الولد، واحتجنا إلى بيعها للدين هل يباع معها؟
الحكم الثاني: السراية إلى الولد يجوز وطئ المدبرة والمعلق عتقها بصفة،