فإذا هو سبعمئة ذراع، ولو لم تقم حجة، وأراد تحليف الشريك، مكن منه، فإن نكل وحلف المدعي، نقضت القسمة، ولو حلف بعض الشركاء، ونكل بعضهم، فحلف المدعي لنكول بعضهم، قال في الوسيط: تنقض القسمة في حق الناكلين دون الحالفين ولا يطالب الشريك بإقامة بينة أن القسمة الجارية عادلة، لأن الظاهر الصواب. وحكى ابن أبي هريرة قولا أن على الشريك البينة بأنها عادله، ولا بينة على مدعي الغلط. وقال أبو إسحاق: إن قال مدعي الغلط: إن القاسم الذي قسم لا يحسن القسمة والمساحة والحساب، فالأصل ما يقوله: وعلى صاحبه البينة. وإن قال: سها، فعليه البينة، والمذهب الأول. ولو اعترف القاسم بالغلط أو الحيف، فإن صدقه الشركاء، انتقضت القسمة، وإلا فلا تنتقض وعليه رد الأجرة. قال البغوي: وهو كما لو قال القاضي: غلطت في الحكم، أو تعمدت الحيف، فإن صدقه المحكوم له، استرد المال، وإلا فلا، وعلى القاضي الغرم.
أما إذا جرت القسمة بالتراضي بأن نصبا قاسما، أو اقتسما بأنفسهما، ثم ادعى أحدهما غلطا، فإن لم يعتبر الرضى بعد خروج القرعة، فالحكم كما لو ادعى الغلط في قسمة الاجبار، وإن اعتبرناه وتراضيا بعد خروج القرعة، فإن قلنا: القسمة إفراز، فالافراز لا يتحقق مع التفاوت، فتنقض القسمة إن قامت به بينة، ويحلف الخصم إن لم تقم، وإن قلنا: القسمة بيع، فوجهان أحدهما الجواب كذلك، فإنهما تراضيا لاعتقادهما أنها قسمة عدل، وأصحهما أنه لا فائدة لهذه الدعوى، ولا أجر للغلط، وإن تحقق، كما لا أثر للغبن في البيع والشراء، وبهذا قطع الجمهور. كأنهم اقتصروا على الجواب الأصح.
فصل إذا قسمت التركة بين الورثة، ثم ظهر دين، فإن قلنا: القسمة إفراز، فهي صحيحة، ثم تباع الأنصباء في الدين إن لم يوفوه، وإن قلنا: بيع، فقد سبق في كتاب الرهن وجهان في صحة بيع الوارث التركة قبل قضاء الدين، وأنه لو تصرف ولا دين في الظاهر، ثم ظهر. فالأصح صحة التصرف ففي القسمة هذان الوجهان، فإن صححنا البيع، فالقسمة الجارية صحيحة، فإن وفوا الدين، استمرت صحتها، وإلا نقضت وبيعت التركة في الدين، وإن لم نصححه، فالقسمة باطلة، ولو جرت قسمة، ثم استحق بعض المقسوم، نظر إن استحق جزء شائع