ولم يتعرض لطلب الحد، قال الروياني: لعل القفال أراد غير صورة القذف، ثم على ما ذكره البغوي الحكم غير منوط بأن يطلب المقذوف الحد، بل بأن يظهر العداوة، ولا شك أنه لو شهد على رجل، فقذفه المشهود عليه، لم يمنع ذلك من الحكم بشهادته، نص عليه.
فرع العداوات الدينية لا توجب رد الشهادة، بل يقبل للمسلم على الكافر والسني على المبتدع، وكذا من أبغض الفاسق لفسقه لا ترد شهادته عليه. ولو قال عالم ناقد: لا تسمعوا الحديث من فلان، فإنه مخلط، أو لا تستفتوه، فإنه لا يعرف الفتوى، لم ترد شهادته، لأن هذا نصيحة للناس، نص عليه.
فرع تقبل شهادة العدو لعدوه إذ لا تهمة.
فرع العصبية أن يبغض الرجل لكونه من بني فلان، فإن انضم إليها دعاء الناس، وتآلفهم للاضرار به والوقيعة فيه، اقتضى رد شهادته عليه، ومجرد هذا لا يقتضيه، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه وعترته، فتقبل شهادته لهم، وشهادتهم له، وتقبل شهادته لصديقه وأخيه وإن كان يصله ويبره.
فرع في شهادة المبتدع. جمهور الفقهاء من أصحابنا وغيرهم لا يكفرون أحدا من أهل القبلة، لكن اشتهر عن الشافعي رضي الله عنه تكفير الذين ينفون علم الله تعالى بالمعدوم، ويقولون: ما يعلم الأشياء حتى يخلقها، ونقل العراقيون عنه تكفير الناهين للرؤية والقائلين بخلق القرآن، وتأوله الامام، فقال: ظني أنه ناظر بعضهم، فألزم الكفر في الحجاج، فقيل: إنه كفرهم.
قلت: أما تكفير منكري العلم بالمعدوم أو بالجزئيات، فلا شك فيه، وأما من نفى الرؤية أو قال بخلق القرآن، فالمختار تأويله، وسننقل إن شاء الله تعالى عن نصه في الام ما يؤيده، وهذا التأويل الذي ذكره الامام حسن، وقد تأوله الامام الحافظ الفقيه الأصولي أبو بكر البيهقي رضي الله عنه وآخرون تأويلات متعارضة، على أنه ليس المراد بالكفر الاخراج من الملة، وتحتم الخلود في النار. وهكذا تأولوا ما جاء عن جماعة من السلف من إطلاق هذا اللفظ، واستدلوا بأنهم لم