يلحقوهم بالكفار في الإرث والأنكحة، ووجوب قتلهم وقتالهم وغير ذلك. والله أعلم.
ثم من كفر من أهل البدع لا تقبل شهادته، وأما من لا يكفره من أهل البدع والأهواء، فقد نص الشافعي رحمه الله في الام و المختصر على قبول شهادتهم إلا الخطابية وهم قوم يرون جواز شهادة أحدهم لصاحبه إذا سمعه يقول:
لي على فلان كذا، فيصدقه بيمين أو غيرها، ويشهد له اعتمادا على أنه لا يكذب هذا نصه. وللأصحاب فيه ثلاث فرق: فرقة جرت على ظاهر نصه، وقبلت شهادة جميعهم، وهذه طريقة الجمهور، منهم ابن القاص، وابن أبي هريرة، والقضاة ابن كج، وأبو الطيب، والروياني، واستدلوا بأنهم مصيبون في زعمهم ولم يظهر منهم ما يسقط الثقة بقولهم، وقبل هؤلاء شهادة من سب الصحابة والسلف رضي الله عنهم، لأنه تقدم عليه عن اعتقاد لاعن عداوة وعناد، قالوا: ولو شهد خطابي وذكر في شهادته ما يقطع احتمال الاعتماد على قول المدعي بأن قال: سمعت فلانا يقر بكذا لفلان، أو رأيته أقرضه، قبلت شهادته. وفرقة منهم الشيخ أبو حامد ومن تابعه حملوا النص على المخالفين في الفروع، وردوا شهادة أهل الأهواء كلهم، وقالوا: هم بالرد أولى من الفسقة. وفرقة ثالثة توسطوا، فردوا شهادة بعضهم دون بعض، فقال أبو إسحاق: من أنكر إمامة أبي بكر رضي الله عنه، ردت شهادته لمخالفته الاجماع، ومن فضل عليا على أبي بكر رضي الله عنهما لم ترد شهادته، ورد الشيخ أبو محمد شهادة الذين يسبون الصحابة، ويقذفون عائشة رضي الله عنها، فإنها محصنة كما نطق به القرآن، وعلى هذا جرى الامام والغزالي والبغوي، وهو حسن. وفي الرقم أن شهادة الخوارج مردودة لتكفيرهم أهل القبلة.
قلت: الصواب ما قالته الفرقة الأولى وهو قبول شهادة الجميع، فقد قال الشافعي رحمه الله في الام: ذهب الناس في تأويل القرآن والأحاديث إلى أمور تباينوا فيها تباينا شديدا، واستحل بعضهم من بعض ما تطول حكايته، وكان ذلك متقادما، منه ما كان في عهد السلف إلى اليوم، فلم نعلم أحدا من سلف الأمة يقتدى به، ولا من بعدهم من التابعين رد شهادة أحد بتأويل، وإن خطأه وضلله،