قلت: هذا إذا حلفه القاضي أو نائبه، أما إذا حلف الانسان ابتداء، أو حلفه غير القاضي من قاهر، أو خصم، أو غيرهما، فالاعتبار بنية الحالف بلا خلاف، وينفعه التورية قطعا، سواء حلف بالله تعالى، أو بطلاق وعتاق وغيرهما صرح به الماوردي، ونقله ابن الصباغ عن الأصحاب ذكراه في كتاب الطلاق. والله أعلم.
الطرف الثالث: في الحالف، وهو كل من يتوجه عليه دعوى صحيحة، وقيل:
كل من توجهت عليه دعوى لو أقر لمطلوبها ألزم به، فإذا أنكر، حلف عليه، وقبل منه، ويستثنى عن هذا الضبط صور، فنذكرها مع ما يدخل فيه ويخرج منه، إحداها: يجزئ التحليف في النكاح والطلاق والرجعة والفيأة، وفي الايلاء، وفي العتق والاستيلاد، والولاء، والنسب، ولا تسمع دعوى في حدود الله تعالى، ولا يطلب الجواب، لأنها ليست حقا للمدعي، فإن تعلق به حق آدمي، بأن قذفه، فطلب حد القذف، فقال القاذف: حلفوه انه لم يزن فالأصح أنه يحلف، كما سبق في المسألة الثالثة من الباب الأول، فإن حلف، أقيم على القاذف، وإن نكل، وحلف القاذف، سقط حد القذف، ولا يثبت بحلفه حد الزنى على المقذوف ولو ادعى سرقة ماله، سمعت دعواه للمال، وحلف المدعى عليه، فإن نكل، حلف المدعي، واستحق المال، ولا يقطع المدعى عليه، لأن حدود الله تعالى لا تثبت باليمين المردودة، وإذا أقر بما يوجب حدا، وادعى شبهة بأن وطئ جارية أبيه، وقال: ظننتها تحل لي، وهو ممن يجوز أن يشتبه عليه مثله، حلف وسقط بحلفه الحد، ولزم المهر، وتسمع الدعوى. ويجري التحليف في القصاص وحد القذف، وكذا في الشتم، والضرب الموجبين للتعزير.