أقر أحدهما بالموقوف لآخر أو أوصى به أو دبره أو أعتقه، انتظرنا ما يستقر عليه الامر آخرا، وحكى القاضي أبو سعد وجهين في نفوذ تصرفه، وصوره فيما إذا حجر القاضي على المشهود عليه في المشهود به، فإن أراد بالحجر الحيلولة، حصل الخلاف، وإن أراد التلفظ بالحجر أشعر ذلك باشتراط الحجر القولي في امتناع التصرف، قال: وإذا قامت البينة، وحصل التعديل، والقاضي ينظر في وجه الحكم، فينبغي أن يحجر عليه في مدة النظر، فإن حجر لم ينفذ تصرفه، قال البغوي: وقبل الحيلولة والانتزاع لا ينفذ تصرف المدعي، وينفذ تصرف المدعى عليه، إن قلنا: إن طلب المدعي شرط في الوقف، وإلا فوجهان.
فرع الثمرة والغلة الحادثان بعد شهادة الشاهدين وقبل التعديل تكون للمدعي وبين شهادة الأول وشهادة الثاني لا يكون للمدعي إلا إذا أرخ الثاني ما شهد به بيوم الأول أولا أو بما قبله، فإن استخدم السيد العبد المدعي للعتق بين شهادة الأول والثاني على قولنا لا يحال بينهما وشهد الثاني هكذا لزمه أجرة المثل، وبالله التوفيق.
الباب الثالث في مستند علم الشاهد، وحكم تحمل الشهادة وأدائها فيه ثلاثة أطراف.
الأول: فيما يحتاج إلى الابصار، والأصل في الشهادة البناء على العلم واليقين، لكن من الحقوق ما لا يحصل اليقين فيه، فأقيم الظن المؤكد فيه مقام اليقين، وجوزت الشهادة بناء على ذلك الظن كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وقد قسم الشافعي والأصحاب رحمهم الله المشهود به ثلاثة أقسام أحدها: ما يكفي فيه السماع، ولا يحتاج إلى الابصار، وموضع بيانه الطرف الثاني.
الثاني:
ما يكفي فيه الابصار وهو الأفعال، كالزنى، والشرب، والغصب، والاتلاف، والولادة، والرضاع، والاصطياد، والاحياء، وكون المال في يد الشخص، فيشترط فيها الرؤية المتعلقة بها وبفاعلها، فلا يجوز بناء الشهادة فيها