فرع التفصيل الذي ذكرنا فيما إذا لم يكن هناك قاض متول فإن كان، نظر، إن كان غير مستحق لجور أو جهل، فهو كما لو لم يكن، وإن كان مستحقا والطالب يروم عزله، فالطلب حرام، والطالب مجروح، ذكره الماوردي.
قلت: وسواء كان فاضلا أو مفضولا إذا صححنا تولية المفضول. والله أعلم.
فرع ما ذكرناه هو حكم الطلب بلا بذل، فلو بذل مالا ليتولى، فقد أطلق ابن القاص وآخرون أنه حرام وقضاؤه مردود، والصحيح تفصيل ذكره الروياني وهو أنه إن تعين عليه القضاء أو كان ممن يستحب له، فله بذل المال، ولكن الاخذ ظالم بالأخذ، وهذا كما إذا تعذر الامر بالمعروف إلا ببذل مال، وإن لم يتعين ولم يكن مستحبا، جاز له بذل المال ليتولى، ويجوز له البذل بعد التولية لئلا يعزل، والآخذ ظالم بالأخذ، وأما بذل المال لعزل قاض، فإن لم يكن بصفة القضاة، فمستحب لما فيه من تخليص الناس منه، ولكن أخذه حرام على الآخذ، وإن كان بصفتهم فحرام. فإن فعل، وعزل الأول، وولي الباذل، قال ابن القاص: توليته باطلة، والمعزول على قضائه، لأن العزل بالرشوة حرام، وتولية المرشي والراشي حرام، وليكن هذا عند تمهد الأصول الشرعية، فأما عند الضرورات، وظهور فرع طرق الفتن، فلا بد من تنفيذ العزل والتولية جميعا، كتولية البغاة.
الأصحاب متفقة على أن النظر في تعين الشخص للقضاء وعدم تعينه إلى البلد والناحية لا غير، ومقتضا أنه لا يجب على من يصلح للقضاء طلب القضاء ببلدة أخرى ليس بها صالح، ولا قبوله إذا ولي ويجوز أن يفرق بينه وبين القيام بسائر فروض الكفاية المحوجة إلى السفر، كالجهاد وتعلم العلم ونحوهما، فإن تلك يمكن القيام بها، والعود إلى الوطن، وعمل القضاء لا غاية له.
المسألة الثانية: في صفات القاضي والمفتي وفيها فصلان:
الأول: في صفات القاضي وله ثمانية شروط أحدها: الحرية، والثاني: