قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها فدفعت إلى سعيد بن المسيب فسألته عن المبتوتة؟ فقال تعتد في بيت زوجها فقلت: فأين حديث فاطمة بنت قيس؟ فقال هاه ووصف أنه تغيظ، وقال فتنت فاطمة الناس كانت للسانها ذرابة فاستطاعت على أحمائها فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم قال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم وسليمان أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم البتة فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشة إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فقالت: اتق الله يا مروان واردد المرأة إلى بيتها، فقال مروان في حديث سليمان أن عبد الرحمن غلبني. وقال مروان في حديث القاسم أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ فقالت عائشة لا عليك أن لا تذكر شأن فاطمة فقال: إن كان إنما بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع، أن ابنة لسعيد بن زيد كانت عند عبد الله فطلقها البتة فخرجت فأنكر ذلك عليها ابن عمر (قال الشافعي) فعائشة ومروان وابن المسيب يعرفون أن حديث فاطمة في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تعتد في بيت ابن أم مكتوم كما حدثت ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر ويزيد ابن المسيب يتبين استطالتها على أحمائها ويكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت في حديثها السبب الذي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في غير بيت زوجها خوفا أن يسمع ذلك سامع فيرى ان للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت (قال الشافعي) وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث فاطمة بنت قيس إذ بدت على أهل زوجها فأمرها ان تعتد في بيت ابن أم مكتوم تدل على معنيين أحدهما أن ما تأول ابن عباس في قول الله عز وجل (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) هو البذاء على أهل زوجها كما تأول إن شاء الله تعالى قال: وبين إنما أذن لها أن تخرج من بيت زوجها فلم يقل لها النبي صلى الله عليه وسلم اعتدى حيث شئت ولكنه حصنها حيث رضى إذ كان زوجها غائبا ولم يكن له وكيل بتحصينها. فإذا بذت المرأة على أهل زوجها فجاء من بذائها ما يخاف تساعر بذاءة إلى تساعر الشر فلزوجها إن كان حاضرا إخراج أهله عنها فإن لم يخرجهم أخرجها إلى منزل غير منزله فحصنها فيه وكان عليه كراؤه إذا كان له منعها أن تعتد حيث شاءت كان عليه كراء المنزل وإن كان غائبا كان لوكيله من ذلك ماله. وإن لم يكن له وكيل كان السلطان ولى الغائب يفرض لها منزلا فيحصنها فيه، فإن تطوع السلطان به أو أهل المنزل فذلك ساقط عن الزوج، ولم نعلم فيما مضى أحدا بالمدينة أكرى أحدا منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم، وإن لم يتطوع به السلطان ولا غيره فعلى زوجها كراء المنزل الذي تصير إليه. ولا يتكارى لها السلطان إلا بأخف ذلك على الزوج وإن كان بذاؤها حتى يخاف أن يتساعر ذلك بينها وبين أهل زوجها عذرا في الخروج من بيت زوجها كان كذلك كل ما كان في معناه وأكثر من أن يجب حد عليها فتخرج ليقام عليها أو حق فتخرج لحاكم فيه أو يخرجها أهل منزل هي فيه بكراء أو عارية ليس لزوجها أو ينهدم منزلها الذي كانت فيه أو تخاف في منزل هي فيه على نفسها أو مالها أو ما أشبه هذا من العذر فللزوج في هذه الحالات أن يحصنها حيث صيرها وإسكانها وكراء منزلها (قال) وإن أمرها أن تكارى منزلا بعينه فتكارته فكراؤه عليه متى قامت به عليه وإن لم يأمرها فتكارت منزلا فلم ينهها ولم يقل لها أقيمي فيه فإن طلبت الكراء وهي في العدة استقبل كراء منزلها من يوم تطلبه حتى تنقضي العدة وإن لم تطلبه حتى تنقضي العدة فحق لها تركته وعصت بتركها أن يسكنها فلا يكون لها وهي عاصية سكنى وقد مضت العدة، وإن أنزلها منزلا له بعد الطلاق أو طلقها في منزل له أو طلقها وهي زائرة
(٢٥٢)