لأن ذلك لا يتم لها إلا بقوله قبل الطلاق أو الموت قد أذنت لها في النقلة، فإذا قال ذلك فهي منتقلة تعتد في ذلك الموضع الذي أذن لها في النقلة إليه ولا تعتد في غيره وإن لم يقل هو شيئا حتى مات فقالت هي قد أذن لي فالقول قولها وتعتد حيث أذن لها من ذلك المصر إذا كانت هي قد انتقلت قبل أن يقع عليها الطلاق أو يموت زوجها وليس لورثته أن يمنعوها منه ولا إكذابها وإن أكذبوها كان القول قولها (قال) ولو قال لها أخرجي إلى مصر كذا أو موضع كذا فخرجت إليه أو منزل كذا من مصر فخرجت إليه ولم يقل لها حجى ولا أقيمي ولا ترجعي منه ولا لا ترجعي إلا أن تشائي ولا تزوري فيه أهلك أو بعض معرفتك ولا تتنزهي إليه كانت هذه نقلة وعليها أن تعتد في ذلك الموضع من طلاقه ووفاته إلا أن تقر هي أن ذلك الاذن إنما كان لزيارة أو لمدة نقيمها فيكون عليها أن ترجع إذا بلغها الوفاة فتعتد في بيته وفي مقامها قولان: أحدهما أن لها أن تقيم إلى المدة أمرها أن تقيم إليها لأنه نقلها إلى مدة فإن كانت المدة حتى تنقضي عدتها فقد أكملت عدتها إن شاءت رجعت وإن شاءت لم ترجع وإن كانت المدة ما لا تنقضي فيها عدتها رجعت إذا انقضت المدة. والثاني أن هذه زيارة لا نقلة إلى مدة فعليها الرجوع إذا طلقها أو مات عنها لأن العلم قد أحاط أنها ليست بنقلة (قال) ولو قال لها في المصر اسكني هذا البيت شهرا أو هذه الدار شهرا أو سنة كان هذا مثل قوله في السفر أقيمي في بلد كذا شهرا أو سنة وهذا كله في كل مطلقة ومتوفى عنها سواء غير أن لزوج المطلقة التي يملك رجعتها أن يرتجعها فيقلها من حيث شاء إلى حيث شاء، ولو أراد نقلتها قبل أن يرتجعها من منزلها الذي طلقها فيه أو من سفر أذن لها إليه أو من منزل حولها إليه لم يكن ذلك له عندي كما لا يكون له في التي لا يملك رجعتها (قال) وإن كانت المتوفى عنها أو المطلقة طلاقا بائنا بدوية لم تخرج من منزل زوجها حتى ينتوي أهلها فإن انتوى أهلها انتوت وذلك أن هكذا سكن أهل البادية إنما سكنهم سكن مقام ما كان المقام غبطة فإذا كان الانتواء غبطة انتووا (أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها إنها تنتوي حيث ينتوي أهلها) أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه وعن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة أو مثل معناه لا يخالفه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإنما كان لها أن تنتوي لأن سكن أهل البادية هكذا إنما هو سكن مقام غبطة وظعن غبطة وأن الظعن إذا أجدب موضعها أو خف أهلها عذر بأنها تبقى بموضع مخوف أو غير ستير بنفسها ولا معها من يسترها فيه (قال) فإذا كانت السنة تدل على أن المرأة تخرج من البذاء عن أهل زوجها فإذا كان العذر كان في ذلك المعنى أو أكثر وذلك أن يتهدم المسكن الذي كانت تسكنه وتحدث الفتنة في ناحيتها أو المكاثرة أو في مصرها أو تخاف سلطانا أو لصوصا فلها في هذا كله أن تنتقل عن المصر إن كان عاما في المصر عن الناحية التي هي فيها إلى ناحية آمن منها ولزوجها أن يحصنها حيث شاء إذا كان موضعا آمنا.
ويجبر زوجها على الكراء لها إذا انهدم المنزل الذي كانت تسكنه أو غصب عليه (قال الشافعي) رحمه الله وللحاكم أن يخرج المرأة في العدة في كل ما لزمها من حد أو قصاص أو خصومة (قال) وإذا أخرجت المرأة فيما يلزمها من حكومة أو حد أو غيره من المصر فانقضى ما أخرجت له رجعت إلى منزلها حيث كان فإن كان الحاكم الذي يخرجها إليه بالمصر فمتى انصرفت من عنده انصرفت إلى بيتها (قال) وكل ما جعلت على الزوج المطلق فيه السكنى والنفقة قضيت بذلك في ماله إن غاب وكل ما جعلت للزوج تصيير المرأة إليه من المنازل إذا كان العذر الذي تنتقل به المرأة جعلت لمن أسكنها أجنبيا متطوعا كان الذي أسكنها أو السلطان ولم أقض على الزوج بكراء سكنها وقضيت عليه بنفقتها إن كانت عليه