فيه الوطئ إلا بعد الاستبراء لأن الفرج كان ممنوعا قبل الملك فإذا صار مباحا بالملك كان على المالك فيه أن يستبرئه في هذا المعنى على كل ملك تحول لأن المالك الثاني مثل المالك الأول وقد كان الفرج ممنوعا منه بأنه كان مباحا لغيره وإنما حدث له وكان حلالا له بعد ما ملكه فلو ابتاع رجل من رجل جارية وقبضها منه وتفرقا بعد البيع ثم اشتراها منه البائع أو استقاله منها وهو يعلم أن الرجل لم يصل إليها أو كانت مشتريتها امرأة ثقة أم له أو بنت لم يكن له أن يطأها حتى يستبرئها من قبل أن الفرج قد كان حرم عليه ثم حل له بعد الملك الثاني ومتى حل له أن يطأها قدم بين يدي الوطئ استبراء لا بد وكذلك لو كانت بكرا أو عند امرأة محصنة لأن السنة تدل على أن الاستبراء إنما هو من حين يحل الفرج بالملك والاستبراء أن تمكث عند المشترى طاهرا ما كان المكث قل أو كثر ثم تحيض فتستكمل فإذا طهرت منها فهو استبراؤها، ويكون الاستبراء إذا حاضت الحيض الذي تعرفه فإن حاضت على خلاف ما تعرف في الزيادة في الحيض فهو استبراء لأنها قد جاءت بما تعرف وزادت عليه وإن حاضت أقل من أيام حيضها أو بدم أرق أو أقل من دمها أو وجدت شيئا تنكره في بطن أو دلالة ما يستدل به على الحمل أمسكت وامسك عن إصابتها حتى يستدل على أن تلك الريبة لم تكن حملا إما بذهاب ذلك الذي تجد وحيضة بعده مثل الحيض الذي كانت تعرف وإما بزمان يمر عليها يعرف أهل العلم من النساء أنها لو كانت حاملا كانت تلد في مثل ذلك الزمان فإذا أتى ذلك عليها استدل على أن تلك الريبة من مرض لا من حمل وحل وطؤها فإن قال قائل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحائل: حتى تحيض وهذه الحائل قد حاضت؟ قيل فمعقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد الاستبراء بالحيض والاستبراء بوضع الحمل أو الحيض إنما يكون استبراء ما لم يكن معه ريبة فإذا كانت معه ريبة بحمل فاستبراء بوضع الحمل لأن الله تعالى فرض العدة ثلاث حيض وثلاثة أشهر وأربعة أشهر وعشرا وقال تبارك وتعالى (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) فدلت السنة على أن وضع الحمل غاية الاستبراء وأنه مسقط لجميع العدد ولم أعلم أحدا خالف في أن المطلقة لو حاضت ثلاث حيض وذكرت أنها حامل لم تحل بها ولا تحل إلا بوضع الحمل أو البراءة أن يكون ذلك حملا وهكذا والله تعالى أعلم المرتابة في الاستبراء لأنها في مثل هذا المعنى ولو حاضت حيضة وهي غير مرتابة ثم حدثت لها ريبة ثانية بعد طهرها وقبل مسيس سيدها أمسك عن إصابتها حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة ثم أصابها إذا برئت منها وإذا ملكت الأمة بميراث أو هبة أو صدقة أو بيع أو أي وجه ما كان من وجوه الملك لم توطأ حتى تستبرأ لما وصفت وإذا كانت تستبرأ لم يجز لمالكها أن يتلذذ منها بمباشرة ولا قبلة ولا حبس ولا تجريد ولا بنظر شهوة من قبل أنه قد يظهر بها حمل من بائعها فيكون قد نظر متلذذا أو تلذذ بأكثر من النظر من أم ولد غيره وذلك محظور عليه ومتى اشتراها فقبضها ثم وضعت حملها برئت وحل له وطؤها ولا يحل له الوطئ إلا بوضع جميع حملها إذا كان حملها من غير سيدها وغير زوج إلا زوجا قد طلق أو مات وكذلك لو قبضها فأقامت ساعة ثم حاضت وطهرت حل له الوطئ ولو اشتراها فلم يقبضها ولم يتفرقا حتى وضعت في يدي البائع ثم قبضها لم يكن له وطؤها حتى تطهر من نفاسها ثم تحيض في يديه حيضة مستقبلة من قبل ان البيع إنما تم له حين لم يكن للبائع فيه خيار بان يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه ولو اشتراها وشرط عليه البائع أنه بالخيار عليه ثلاثا وقبضها المشترى فحاضت قبل أن يسلم البائع البيع ويبطل شرطه في الخيار أو تمضى ثلاث الخيار لم يطأها بهذه الحيضة حتى تطهر منها ثم تحيض حيضة أخرى ولو اشتراها وقبضها وشرط لنفسه الخيار ثلاثا ثم حاضت قبل الثلاث
(١٠٤)