تكون الجناية خطأ فمالك العبد المرهون الخصم في الجناية وان أحب المرتهن حضر الخصومة وإذا قضى على الجاني بالأرش في العبد المرهون لم يكن لسيد العبد الراهن عفوها ولا أخذ أرش الجناية دون المرتهن وخير الراهن بين أن يكون أرش الجناية قصاصا من الدين الذي في عنق العبد أو يكون موضوعا للمرتهن على يدي من كان الرهن على يديه إلى أن يحل الحق ولا أحسب أحدا يعقل يختار أن يكون أرش الجناية موضوعا غير مضمون على أن يكون قصاصا وسواء أتت الجناية على نفس العبد المرهون أو لم تأت عليها إذا كانت جناية لها أرش لا قود فيها، وإن كان أرش الجناية ذهبا أو فضة فسأل الراهن أن يتركه والانتفاع بها كما يترك خدمة العبد وركوب الدابة المرهونة وسكنى الدار وكراءها لم يكن ذلك له لأن العبد والدابة والدارعين قائمة معلومة لا تتغير والعبد والدابة ينفعان بلا ضرر عليهما ويردان إلى مرتهنهما والدار لا تحول ولا ضرر في سكنها على مرتهنها والدنانير والدراهم لا مؤنة فيها على راهنها ولا منفعة لها إلا بأن تصرف في غيرها وليس للراهن صرف الرهن في غيره لأن ذلك ابداله ولا سبيل له إلى إبدالها وهي تختلط وتسبك ولا تعرف عينها وإن كان صلحا برضا المرتهن كن أرش جنايته على إبل وهي موضوعة على يدي من الرهن على يديه، وعلى الراهن علفها وصلاحها وله أن يكريها وينتفع بها كما يكون ذلك له في إبل له لو رهنها، وإن سأل المرتهن أن تباع الإبل فتجعل ذهبا أو ورقا لم يكن ذلك له لأن ذلك كعين رهنه إذ رضى به، كما لو سأل الراهن إبدال الرهن لم يكن ذلك له وإن أراد الراهن مصالحة الجاني على عبده بشئ غير ما وجب له لم يكن ذلك له لأن ما وجب له يقوم مقامه ومصالحته بغيره إبدال له كأن وجب له دنانير فأراد مصالحته بدراهم إلا أن يرضى بذلك المرتهن فإذا رضى به فما أخذ بسبب الجناية على رهنه فهو رهن له، وإن أراد سيد العبد المرهون العفو عن أرش الجناية على عبده لم يكن ذلك له إلا أن يبرئه المرتهن أو يوفيه الراهن حقه متطوعا به ولو كانت الجناية على العبد أكثر من حق المرتهن مرارا لم يكن له أن يضع شيئا من الجناية كما لو زاد العبد في يديه لم يكن له أن يخرج قيمة زيادته من رقبته إلا أن يتطوع مالك العبد الراهن بأن يدفع إلى المرتهن جميع حقه في العبد حالا، فإن فعل فذلك له فإن أراد المرتهن ترك الرهن وأن لا يأخذ حقه حالا لم يكن ذلك له وجبر على أخذه إلا أن يشاء إبطال حقه فيبطل إذا أبطله (قال) والجناية على الأمة المرهونة كالجناية على العبد المرهون، لا تختلف في شئ إلا في الجناية عليها بما يقع على غيرها فإن ذلك في الأمة وليس في العبد بحال وذلك مثل أن يضرب بطنها فتلقى جنينا فيؤخذ أرش الجنين ويكون لمالكه لا يكون مرهونا معها وإن نقصها نقصا له قيمة بلا جرح له أرش يبقى أثره لم يكن على الجاني شئ سوى أرش الجنين لأن الجنين المحكوم فيه، وإن جنى على الأمة جناية لها جرح له عقل معلوم أو فيه حكومة وألقت جنينا أخذ من الجاني أرش الجرح أو حكومته فكان رهنا مع الجارية لأن حكمه بها دون الجنين وكان عقل الجنين لمالكها الراهن لأنه غير داخل في الرهن والجناية على كل رهن من الدواب كهى على كل رهن من الرقيق لا يختلف في شئ إلا أن في الدواب ما نقصها وجراح الرقيق في أثمانهم كجراح الأحرار في دياتهم، وفى خصلة واحدة أن من جنى على أنثى من البهائم فألقت جنينا ميتا فإنما يضمن الجاني عليها ما نقصتها الجناية عن قيمتها تقوم يوم جنى عليها وحين ألقت الجنين فنقصت، ثم يغرم الجاني ما نقصها فيكون مرهونا معها وإن جنى عليها فألقت جنينا حيا، ثم مات مكانه ففيها قولان أحدهما أن عليه قيمة الجنين حين سقط لأنه جان عليه ولا يضمن إن كان إلقاؤه نقص أمه شيئا أكثر
(١٨٧)