لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " أول نزل فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين 382 - فلما رجم النبي ماعزا (1) ولم يجلده وأمر أنيسا (2) أن يغدوا على امرأة الأسلمي (3) فإن اعترفت رجمها دل على نسخ الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين وثبت الرجم عليهما لأن كل شئ أبدا (4) بعد أول فهو آخر (5)
(١) هو ماعز بن مالك الأسلمي.
(٢) أنيس بالتصغير، وهو ابن الضحاك الأسلمي.
(٣) هكذا جزم الشافعي بان زوج المرأة أسلمى، ولم أجد ما يؤيد ذلك، والمفهوم من الروايات انه اعرابي. والقصة فيها نزاع بين رجلين، كان ابن أحدهما أجيرا عند الاخر، فزنى بامرأته، وأفتاهما بعض الناس من الصحابة فتوى غير ثبت، فتخاصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ في الفتح ١٢: ١٢٣: لم أقف على أسمائهم ولا على اسم الخصمين، ولا الابن، ولا المرأة وانظر تفصيل القول في هذا الموضع كله، في الفتح ١٢: ١٢٠ - ١٤٣، ونيل الأوطار ٧:
٢٤٩ - ٢٥٦.
(٤) هذه الكلمة مكتوبة بحاشية الأصل بخط صغير، ولم أستطع الجز بأنه خط الأصل أو مخالف له، ولكن يرجح صحة اثباتها ان العلامة القوسية المتجهة إلى اليمين، فوق كلمة شئ -: مكتوبة بنفس القلم ونفس الحبر المكتوب به الأصل.
(٥) يوضح هذا ما قال الشافعي في كتاب اختلاف الحديث هامش الام 7: 251 - 253 فقد روى حديث الأجير مع امرأة مستأجرة ثم حديث عبادة خذوا عني ثم قال: فكان هذا أول ما نسخ من حبس الزانيين وأذاهما، وأول حد نزل فيهما، وكان فيه ما وصفت في الحديث قبله: من أن الله انزل حد الزنا للبكرين والثيبين، وان من حد البكرين النفي على كل واحد منهما مع ضرب مائة، ونسخ الجلد عن الثيبين، وأقر أحدهما: الرجم، فرجم النبي صلى الله عليه وسلم امرأة الرجل، ورجم ماعز بن مالك، ولم يجلد واحدا منهما. فان قال قائل: ما دل على أن امر امرأة الرجل وماعز بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)؟ قيل: إذا كان النبي يقول: خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم): كان هذا لا يكون الا أول حد حد به الزانيان، فإذا كان أول فكل شئ جد بعد يخالفه: فالعلم يحيط بأنه بعده، والذي بعد ينسخ ما قبله إذا كان يخالفه، وقد أثبتنا هذا والذي نسخه في حديث المرأة التي رجمها أنيس، مع حديث ماعز وغيره.
هذا ما ذهب إليه الشافعي - رضي الله عنه - في الإجابة عن حديث عبادة الدال على جلد الثيب مع رجمه، وهو مذهب جيد واضح. واما ابن جرير الطبري فقد ذهب إلى أن حديث عبادة ضعيف، فقال في تفسيره 4: 199: وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله (أو يجعل الله لهن سبيلا): قول من قال: السبيل التي جعلها الله جل ثناؤه للثيبين المحصنين الرجم بالحجارة، وللبكرين جلد مائة ونفى سنة، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه رجم ولم يجلد، واجماع الحجة التي لا يجوز عليها - فيما نقلته مجمعة عليه -: الخطأ والسهو والكذب، وصحة الخبر عنه انه قضى في البكرين بجلد مائة ونفي سنة، فكان في الذي صح عنه من تركه جلد من رجم من الزناة في عصره -: دليل واضح على وهي الخبر الذي روى عن الحسن عن حطان عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: السبيل للمحصن الجلد والرجم.
وحديث عبادة حديث صحيح، ولم يأت الطبري بحجة في تضعيفه. والراجح عندي ما ذهب إليه الشافعي رضي الله عنه.