قال شمس الحق في شرحه على سنن أبي داود: واعلم أن الحديث وإن كان رواته كلهم ثقات لكن فيه علة خفية اطلع عليها البخاري، وضعفه لأجلها (1).
أقول: ليس لضعف الحديث علة، لا خفية ولا جلية إلا مخالفته لرأي البخاري.
وليس هذا الأسلوب جديدا من ابن إسماعيل البخاري فإن من عادته طرح الصحاح من الروايات والتبديل في العبارات والإسقاط في الكلمات فيما يخالف مذهبه، فإنه كان يعلم بأن أئمته يقولون: الغسل هو الإسالة والمسح هو الإصابة.
فما في هذا الخبر ليس غسلا، ولا يجوز المسح على النعل العربي بدل الخف، فأراد التخلص من هذا الخبر ب (لا أدري)، بل هو يدري، ولا بد أنه رأى أحاديث مسح القدم المستفيضة، ولكنه لا يدري كيف يوافق مذهب أهل البيت (عليهم السلام):
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة * وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم 5 - قال البيهقي: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك: أخبرنا عبد الله بن جعفر: حدثنا يونس بن حبيب: حدثنا شعبة أخبرنا عبد الملك بن ميسرة قال:
سمعت النزال بن سبرة يقول: صلى علي (رضي الله عنه) الظهر في الرحبة، ثم جلس في حوائج الناس حتى حضرت العصر، ثم أتي بكوز من ماء فصب منه كفا فغسل وجهه ويديه، ومسح على رأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضل الماء وهو قائم (2).
قال النسائي: أخبرنا عمرو بن يزيد قال حدثنا بهز بن أسد قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت النزال بن سبرة قال: رأيت عليا (رضي الله عنه) صلى الظهر، ثم قعد لحوائج الناس فلما حضرت العصر أتي بكوز من ماء فأخذ منه كفا فمسح به وجهه وذراعيه، ورأسه ورجليه، ثم أخذ فضله، فشرب قائما، وقال: " إن أناسا يكرهون هذا، وقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعله، وهذا وضوء من لم يحدث " (3).