الذي يلفت النظر أن الإمامية يرون أن الكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مفطر يجب فيه القضاء والكفارة. فإن وجد بعد ذلك خلاف فلا يعدو أن يكون من اشتراطهم التثبت من العدالة في شهود الرؤية أو اشتراطهم زوال الحمرة المشرقية للإفطار لا مجرد مغيب الشمس، أي أنهم يتأخرون بعض الوقت بالإفطار.
أما النوافل في رمضان فتجد من الإمامية اهتماما كبيرا، وهم يطبقون فيها الحديث الصحيح: " أفضل الصلاة: " صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة ".
وأما الحج فيأخذ في كتب هذا الفقه حيزا أكبر مما يأخذه غيره نظرا للدقة في تحديد شعائره، وهو عندهم من أعظم دعائم الإسلام، ويعتبرونه جهادا بالمال والبدن ويرون تاركه على حد الكفر بالله. وإذا مات المكلف دون أن يحج اعتبر الحج دينا ويحج عنه، وبلغ من ثبوت هذا الحق أنه يؤدي بغير إذن فيما لو حصل بيد إنسان مال لميت عليه الحج. وعلم أن الورثة لا يؤدون، فإنه يجوز له أن يقتطع قدر أجرة الحج ويبذلها لمن يحج عنه، لأن هذا دين الله وهو خارج عن ملك الورثة والديون تقضى قبل التوريث. ودين الله أحق بالقضاء، ودرجة الوفاق في الأركان والمناسك والشعائر بين هذا الفقه وغيره كبيرة إلى حد يجعل الحج أعظم مظهر لوحدة المسلمين، ولعل هذا من بركات بيت الله العتيق أما الاعتكاف والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أفرد لكل منها كتاب خاص.
هذا شأن الإمامية في علاقاتهم بربهم: يعبدونه لا يشركون به شيئا، ويحتاطون لعبادتهم أعظم احتياط. فما هو شأنهم مع الناس؟
إن أبواب المعاملات في فقه الإمامية تحدد كل جانب، وتلزم الكتاب والسنة والقواعد المستقاة منهما، فهم يكثرون من الشروط التي تربط معاملاتهم بالروح الإسلامي، ويستحبون البدء بالبسملة في كل معاملة، ويشترطون الصيغة العربية في العقود.
ويكرهون التعامل مع تارك الصلاة والمستهتر، ويحرمون الاتجار بالمحرمات وما يترتب عليه فساد في المجتمع.