كلمة عن المؤلف أما المؤلف: فهو جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي، المعروف بالمحقق، أو المحقق الحلي المتوفى سنة 676 ه. إمام من الفقهاء الأفذاذ الذين لم يخلقوا لعصر هم فحسب، والذين يستحقون خلود الاسم وبقاء الذكر. كان أستاذ مجتهدي عصره، وصاحب متون من أكبر المتون التي تدرس إلى الآن. لم يقتصر في مطالعاته على كتبه المذهبية الخاصة، وإنما اطلع على ما عند غيره، وهو في مؤلفاته المفصلة يذكر آراء فقهاء المذاهب الأخرى باحترام يليق برجال العلم، ويناقش ما يخالف رأيه منها بهدوء ويبرز حجته في غير تحامل ولا تعسف.
ولم يكن في بحوثه يقنع بالنظر اليسير، أو يقول برأي ثم يتصيد له ما يسنده.
بل كان موسوعة علمية، يقول بالرأي ويدعمه بالمتخير من الأسانيد، يدل على هذا ما ذكره في إحدى وصاياه حين يقول " وأكثر من التطلع على الأقوال لتظفر بمزايا الاحتمال، واستنفض البحث عن مستند المسائل لتكون على بصيرة فيما تتخيره (1) ".
ويقول في وصية أخرى: " ليكن تعلمك للنجاة لتسلم من الرياء والمراء، وبحثك لإصابة الحق لتخلص من قواطع الأهوية ومآلف الغشاء (1)... " ثم هو من التقى والورع بحيث يرى نفسه بين يدي الله حين يصدر الفتوى فيقول في وصية من وصاياه: " إنك في حال فتواك، مخبر عن ربك وناطق بلسان شرعه، فما أسعدك إن أخذت بالحزم، وما أخيبك إن بنيت على الوهم، فاجعل فهمك تلقاء قوله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وانظر إلى قوله تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون) ثم يقول: " وتفطن كيف قسم - الله - مستند الحكم إلى القسمين فما لم يتحقق الإذن فأنت مفتر (1) " ومعنى هذا أن الأمر عنده دقيق، وأن من يفتي