جانب الآلاف من نقط الوفاق، فإن هذا وذاك له دلالته، أما الوفاق فيدل على أن الأصول تتحكم ولا يهملها أحد، وأما الخلاف فيدل على أن مجال النظر فيما يصح فيه الاجتهاد يحترم ويقدر، والفقه الذي بين أيديكم قلما يوجد فيه رأي لا يكون له مثيل في مذهب آخر.
وهذا الكتاب على إيجازه، يتحدث عن العبادات، وعليها تقوم الصلة بين العبد وربه، وعن المعاملات، وعليها تقوم صلة الإنسان بالإنسان.
فهو يحدثنا عن الطهارة المائية والترابية، وعن الوضوء والأغسال، وعن النية والقربة، وعن المسح على القدمين المأخوذ من قراءة ثابتة معتد بها عند الجميع، وعن منع مس المصحف لمن ليس على طهارة، ولا يغفل حتى آداب الخلوة ومنها حرمة استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة ولو في الأبنية، ثم هو يجعل للطهارة قداسة، ويحتاط فيها أشد الاحتياط، لأنها مقدمة لعبادة أهم هي الصلاة.
وأما في الصلاة فنرى كثيرا جدا من وجوه الوفاق مع بقية المذاهب: فلا صلاة إلا بتكبيرة الإحرام، ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، ولا خلاف في عدد الفرائض ولا في الركعات والسجدات، وهم يولون وجوههم شطر المسجد الحرام، ويشترطون القراءة بالعربية ولا يجيزون الترجمة، ومن لا يعرف العربية فعليه أن يتعلم منها ما يؤدي به الصلاة، وهم لا يجيزون ترك الصلاة بحال حتى أن الموحل والغريق يوميان ويصليان، فإن وجد خلاف ففي مثل أنهم يشترطون بعد الحمد سورة كاملة ولا يجتزئون ببعض السورة، ويشترطون الجهر بالبسملة وإرسال اليدين، والعدالة في الإمام، والخروج من الصلاة بالتسليم، وتلك خلافات لا تزيد عما بين المذاهب الأخرى بعضها وبعض، وأما القبلة فهي الكعبة مع الإمكان وإلا فجهتها وإن بعد المصلى وفي الصوم يذكر المؤلف أنه يبدأ بالرؤية وينتهي بالرؤية، ويعدد المفطرات، ولكن