(الثاني): أن يقال عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه، وهذا يصح فيما يعلم أنه لو كان هناك دليل لظفر به، أما لا مع ذلك فإنه يجب التوقف ولا يكون ذلك الاستدلال حجة. ومنه القول بالإباحة لعدم دليل الوجوب والحظر.
(الثالث): استصحاب حال الشرع كالمتيمم يجد الماء في أثناء الصلاة فيقول المستدل على الاستمرار: صلاة كانت مشروعة قبل وجود الماء فتكون كذلك بعده، وليس هذا حجة لأن شرعيتها بشرط عدم الماء لا يستلزم الشرعية معه.
ثم مثل هذا لا يسلم عن المعارضة بمثله، لأنك تقول الذمة مغولة قبل الإتمام فتكون مشغولة بعده (1).
من البديهي أنه ليس في إمكان من يكتب مقدمة وجيزة كهذه، إعطاء فكرة كاملة عن مذهب إسلامي يعد فقهه ثروة عظمي إلى جانب ما لعلمائه من ثمرات إنتاجية في شتى علوم الدين من تفسير وحديث وأصول ورجال وغير ذلك، وإن ثمراتهم العلمية في هذه العلوم لا تقل عن ثمراتهم في علم الفقه، وإن هذا وذاك ليكون مكتبة إسلامية عظمي تعد مجلداتها الضخمة بعشرات الألوف.
ولعل مما يمهد لنا سبيل العذر في عدم اضطلاعنا بهذا، وجود هذا العدد الضخم من الكتب في شتى النواحي الدينية، وكثير منها مطبوع، وهي خير مرجع لمن يريد الاطلاع على ما في هذا المذهب، وإنه لجدير بالباحثين في علوم الشريعة أن يعطوا مزيدا من العناية لهذه الكتب، فإن الفكرة الإسلامية في أي مذهب، هي ملك للمسلمين جميعا، لا لأصحاب هذا المذهب فحسب.