السنة:
لا يختلف الشيعي عن السني في الأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل يتفق المسلمون جميعا عن أنها المصدر الثاني للشريعة ولا خلاف بين مسلم وأخر في أن قول الرسول وفعله وتقريره سنة لا بد من الأخذ بها إلا أن هناك فرقا بين من كان في عصر الرسالة يسمع عن الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبين من يصل إليه الحديث الشريف بواسطة أو وسائط. ومن هنا جاءت مسألة الاستيثاق من صحة الرواية.
واختلفت الأنظار، أي أن الاختلاف في الطريق وليس في السنة، وهذا ما حدث بين السنة والشيعة في بعض الأحايين. فالنزاع صغروي لا في الكبرى، فإن ما جاء به النبي لا خلاف في الأخذ به، وإنما الكلام في مواضع الخلاف ينصب على أن الفرد المروي: هل صدر عن الرسول أو لا؟
وإذا كان ينقل عن أئمة المذاهب في بعض المسائل روايتان، أو روايات مع قرب عهدهم بنا نسبيا، وإذا كان الإمام علي - وهو عند الشيعة الإمام المنصوص، وعند أهل السنة إمام يقتدى به - ينقل عنه في المسائل الخلافية روايتان مختلفتان، إحداهما أخذت بها السنة والأخرى أخذت بها الشيعة، وإذا كنا نطلب الاستيثاق في أقوال الأئمة وما يروى عنهم، فطبيعي أن الأمر بالنسبة للسنة النبوية يحتاج إلى دقة واستيثاق أكثر.
إن كلامه صلى الله عليه وآله وسلم تشريع، وهو المشرع الوحيد للمسلمين، حلاله حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، والوصول إلى نص عبارته بحيث يعرف إن كان حديثه مطلقا أو مقيدا. عاما أو خاصا، يتطلب إلمام الراوي بفنون التعبير حتى لا يترك قرينة أو خصوصية لها تأثير في بيان الحكم.
فلا خلاف في أن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، إنما الخلاف في ثبوت مروي أو عدم ثبوته، وهذا ليس خاصا بالسنة والشيعة، وإنما يوجد بين مذاهب السنة بعضها وبعض، فكم من مروي ثبت عند الشافعي ولم يثبت عند غيره.