ألا ترى - يا هندي - أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه؟
وجعل الأنف فيما بينهما؛ ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء.
وكانت العين كاللوزة؛ ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء، ولو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل؛ وما وصل إليها دواء، ولا خرج منها داء.
وجعل ثقب الأنف في أسفله؛ لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ، وتصعد فيه الروائح إلى المشام، ولو كان في أعلاه؛ لما أنزل داء ولا وجد رائحة.
وجعل الشارب والشفة فوق الفم؛ ليحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم، لئلا يتنغص على الإنسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه.
وجعلت اللحية للرجال؛ ليستغني بها عن الكشف في المنظر، ويعلم بها الذكر من الأنثى.
وجعل السن حادا؛ لان به يقع العض، وجعل الضرس عريضا؛ لان به يقع الطحن والمضغ، وكان الناب طويلا؛ ليشتد (1) الأضراس والأسنان كالأسطوانة في البناء.
وخلا الكفان من الشعر؛ لان بهما يقع اللمس، فلو كان بهما شعر ما درى الإنسان ما يقابله ويلمسه.
وخلا الشعر والظفر من الحياة؛ لان طولهما وسخ يقبح، وقصهما حسن، فلو