وبسبب هذا العلم الجم كان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يكرر خطابه للناس قائلا:
" سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جنبي علوما كثيرة كالبحار الزواخر ". (1) وكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قاطبة زاخرين بهذا العلم، ولم يتلكؤوا في جواب أي مسألة علمية قط، وقد قال الإمام الرضا (عليه السلام) في هذا الشأن:
" إن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير (2) فيه عن الصواب ". (3) من هنا، لا ريب في أن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا ملمين بعلم الطب، وإذا ثبت أنهم قالوا شيئا يتعلق بمسألة من مسائله، فإن كلامهم مطابق للواقع حتما.
3. الدين ومهنة الطب مع أن الطب الوقائي قد حظي - كما بينا - باهتمام الأحكام الدينية، وأن أئمة الدين أصابوا من علم الطب ما أصابوا، غير أن فلسفة الدين ليست الخوض في مهنة الطب، لذا جعلت الروايات الإسلامية علم الدين قسيما لعلم الطب (4)، كما أن أهل البيت لم يخوضوا في الشؤون الطبية كمهنة، وأن فصل الفقه عن الطب، وعمل الفقهاء عن عمل الأطباء (5) دليل آخر أيضا على امتياز نطاق الدين عن نطاق الطب.