ولا بد لنا لكي نستكمل ترجمة الإمام علي الرضا أن نترجم لوالده الإمام موسى الكاظم فهو شيخه وأستاذه وقدوته وإمامه. ثم نترجم لابنه محمد الجواد الذي أخذ عنه وتأدب بأدبه فهو مرآة أبيه علي الرضا. ثم نترجم لمولاه معروف الكرخي فقد أخذ من علم الإمام علي الرضا وأدبه وزهده الكثير.
وهذه ظاهرة عجيبة لا توجد لدى أي أمة من الأمم إلا في هذه الأمة المرحومة، أمة محمد صلى الله عليه وسلم. حيث يصل العبيد والموالي إلى مراكز مرموقة في العلم والتقى ويتولون قيادة المجتمع. وكما يقول ابن خلدون في المقدمة فإن أكثر أهل العلم هم من الموالي (أي الذين كانوا عبيدا وأعتقوا). ثم صارت لهم الغلبة والدولة منذ أن جلب المعتصم العباسي الأتراك من سهول القفجاق (التركستان الشرقية) وجعلهم جنده وخاصته وتولوا الوزارة. وكان من هؤلاء أحمد بن طولون الذي أسس الدولة الطولونية في مصر والاخشيد الذين أسسوا الدولة الاخشيدية ومحمود بن سبكتكين الغزنوي الذي أسس الدولة الغزنوية.. والدولة الخوارزمية أسسها مولى وهو أنوشتكين. والدولة السلجوقية الباذخة أسسها مولى. وأما دولة المماليك فهي أشهر من أن تذكر.
وفي العلم كان في طبقة الصحابة سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي وزيد بن حارثة مولى رسول الله وياسر وزوجته سمية وابنهما عمار وكلهم كانوا من الموالي والعبيد فرفعهم الاسلام إلى القمة الباذخة.
ومن طبقة التابعين نذكر الإمام الحسن البصري مولى أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلميذ الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وحامل الكثير من علمه وعلم أجلة الصحابة.
وكان في هذه الطبقة عكرمة مولى ابن عباس وحامل الكثير من علمه، ونافع مولى ابن عمر وتلميذه.. وكان فيهم طاووس ومكحول الدمشقي وكلهم من الموالي.
وتكفي هذه اللمحة وإلا فالمجال واسع ويحتاج إلى رسالة خاصة ومؤلف كامل لو أمد الله في العمر لوضعناه بإذن الله تعالى، وذلك للرد على من يتخرصون