ثم رأيته بمكة وهو قائم يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك إلى طلوع الفجر. فلما أصبح جلس في مصلاه يسبح الله تعالى ثم قام إلى حاشية الطواف فركع الفجر (أي سنة الفجر) هناك ثم صلى فيه الصبح (أي صلاة الفجر) مع الناس. ثم دخل الطواف فطاف إلى بعد شروق الشمس.. ثم خرج فخرجت خلفه أريد السلام عليه. وإذا بجماعة قد طافوا به يمينا وشمالا من خلفه ومن قدامه. وإذا له حاشية وخدم وحشم وأتباع قد خرجوا معه. فقلت لهم: من هذا الفتى! فقالوا: هو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فقلت لا يكون هذا إلا لمثل هذا) (1).
وروى ابن الصباغ أن أحد تلاميذ الإمام موسى كان عنده في ليلة مطيرة فقال له: قم فقد انهدم البيت على متاعك. قال (فقمت فإذا البيت قد انهدم على متاعي فاكتريت (استأجرت) قوما كشفوا عن متاعي واستخرجت جميعه لي شئ غير سطل للوضوء. فلما أتيته من الغد قال: فقدت شيئا من متاعك؟ فندعو الله لك بالخلف. قلت: ما فقدت غير سطل كنت أتوضأ به فأطرق رأسه ثلاثا ثم قال: قد ظننت أنك أنسيته قبل جارية رب الدار فاسألها عنه وقل لها: أنسيت السطل في بيت الخلاء فرديه. وأنها سترده عليك). قال فسألتها عنه فردته.
وروى ابن الصباغ أيضا قصة علي بن يقطين أحد موظفي هارون الرشيد.
وكان الرشيد يحبه فأرسل إليه ثيابا فاخرة ومن جملتها دراعة منسوجة بالذهب سوداء من لباس الخلفاء. فأنفذ بها علي بن يقطين إلى الإمام موسى الكاظم.
فردها الامام وكتب إليه: احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك، فسيكون لك بها شأن تحتاج معه إليها.
وغضب علي بن يقطين على أحد غلمانه وخدمه، وكان الغلام من خاصته