يسجله (عمار) كان لا بد له من حل. على أن يكون حلا سياسيا، يجنب الأزلام الأموية، مخاطر التصفية الجسدية. وكان عثمان أول من استخدم في سبابه لعمار لقب بن السوداء. وهذا التعبير، أوقع الخليفة في مطبات جسام. فأولا، هذا اللمز لأم عمار، وهي أول شهيدة في الإسلام. ثانيا إطلاقه هذا الاسم كانت له امتدادات سيئة، بحيث أضحى هذا اللقب اسما رسميا، لعمار، تتداوله العناصر الأموية. وكان أن تطورت الحالة إلى أن تم تصحيف (ابن السوداء) عمار إلى (ابن السوداء) السبئي الأسطورة الذي صاغوا له قصصا في نوادرهم الغريبة.
فابن سبأ هذا الذي يقال، أنه أول محرض ضد عثمان، لم يثبته التاريخ، والظاهر من السير والتواريخ، إن المعارض الأول و (المشاغب) والمحرض السياسي الرئيسي ضد خلافة عثمان، كان هو عمار بن ياسر. وهو البادي للناس سوءات الحكم، والذي تلقى التهديدات، لأنه من الصعوبة أن يتعرضوا له بالقتل المباشر للأسباب التي ذكرناها وهو المكنى عند عثمان وحاشيته الأموية، بابن السوداء، وهو الذي كانت له رابطة خاصة بالإمام علي (ع) وآل البيت (ع) وعلى هذا الأساس تنقشع غيوم (البؤس) التاريخي المتلبس بأيديولوجيا البلاط الأموي. وهكذا تنكمش (تلفيقة) السبئية، لتلقي على كاهل محرف وضاع، مرفوض الرواية، وهو سيف ابن عمر (وتتوضح بعدها الأسباب التاريخية لنشوء (فكرة السبئية) وتنقشع الغيوم ولا تنقشع على الذين ما زالوا ممسكين بالعظام التاريخية. لقد تبين لي أن في تاريخنا مبدعين، لا يعجزون عن حبك الأساطير في أرقى خيالاتها. لقد كان للساسة في تاريخنا خيال، يظللها من الشموس الكاشفة.
وليس هذه أول خرافة، تلقى بهذا الشكل (التهريجي على التشيع) بل أخريات من تلكم الشبهات المحبوكة بالأصابع المأجورة والمسيئة، بالترغيب والترهيب الأموي، لا بد من الوقوف على هزالها!.