وأين مقولتا النور والظلمة اللتان تعتبران ركنا في العقيدة الثنوية الفارسية، وأساسا للمذهب الزرادشتي!؟.
وربما قالوا، إن هذا الفكر، تسرب بفعل التأثير الغنوصي على التشيع.
والذين لفقوا فكرة (الغنوصية) والقوها على (التشيع) هم بلا شك قوم سطحيون. أو كسالى لا يتعبون أنفسهم، لإقناع أتباعهم. ولعل وجود بعض نقاط التشابه والتجانس في بعض مفردات الأديان والفلسفات، تجعل بعض قصار النظر يتهمون التشيع بالغنوصية أو الزرادشتية.
والظاهر أن الذين نسبوا التشيع إلى الحركة الغنوصية هم الذين اطلعوا على الجانب (العرفاني) من التشيع، كما تجلى في أسفار صدر المتألهين، وكذلك عند السهروردي. وليست الغنوصية في اصطلاحها الأول سوى جنوسيس العرفان، وهو الاسم الذي أطلقه الغنوص على أنفسهم في القرن الثاني للميلاد.
وهو مذهب منتقى من كثير من الاتجاهات الفلسفية والدينية، كالزرادشتية والأفلاطونية المحدثة والفيثاغورية ووجود أشكال من الاعتقادات كوحدة الوجود، وهي أساس الاعتقاد الثنوي الزرادشتي، وهذا لا يعني أن التشيع هو صنيعة لهكذا مذاهب. إذ أن العرفان الشيعي كالتصوف السني، لا يمثل أساس المذهبين، وأن العرفان الشيعي لا يختلف عن التصوف السني، فهذا الأخير، منه تأثر العرفانيون الشيعة. وابن عربي، المالكي، السني، أكثر الذين قالوا بوحدة الوجود، وكذا بن سبعين.
أما باقي الأفكار الغنوصية، كالهلانية، والفيثاغورية. فليس لها أثر على التشيع إطلاقا. بقدر ما توجد بعض مفرداتها في المذاهب الأخرى، ولم أكن أتصور كيف ربط بعض (مهرجي) التأريخ، بين التيار الفارسي والشيعي، معتبرين الأول أساسا وروحا للثاني. ولم نفهم بعد ذلك أين كان الفرس يوم