فقال عثمان: لست هناك) (22).
وكان هذا إشارة إلى ما قام به عمار من تشويش على الجهاز الأموي. كما كشف عن الجرأة التي كان يمارسها عمار تجاه أقطاب السلطة في عصر عثمان. وبقي عمار مناوئا للأمويين، لا يخشى في الحق لومتهم.
وكان عثمان قد أمر بجمع القرآن وحرقه، والإبقاء على مصحف رسمي موحد. وكانت في مصاحف الصحابة، حواش تتخللها، هي بعض ما تلقوه من تأويل عن الرسول صلى الله عليه وآله من أولئك ابن مسعود الذي اشتهر بمصحفه وأبى ابن مسعود أن يسلم مصحفه إلى عبد الله بن عامر وكان بالكوفة.
وفي تاريخ اليعقوبي: (فدخل ابن مسعود وعثمان يخطب) فقال عثمان:
إنه قد قدمت عليكم دابة سوداء، فكلمه ابن مسعود بكلام غليظ فأمر به عثمان، فجر برجله حتى كسر له ضلعان. فتكلمت عائشة. وقالت قولا كثيرا. الخ) (23).
وظل ابن مسعود مستاء من سياسة عثمان، حتى وافته المنية. وفي ذلك يورد اليعقوبي: (فأقام بن مسعود مغاضبا لعثمان حتى توفي، وصلى عليه عمار بن ياسر. وكان عثمان غائبا فستر أمره. فلما انصرف رأى عثمان القبر، فقال: قبر من هذا؟ فقيل: قبر عبد الله بن مسعود. قال: فكيف دفن قبل أن أعلم؟
فقالوا: ولي أمره عمار بن ياسر، وذكر أنه أوصى ألا يخبر به، ولم يلبث إلا يسيرا حتى مات المقداد. فصلى عليه عمار، وكان أوصى إليه، ولم يؤذن عثمان به، فاشتد غضب عثمان على عمار، وقال: ويلي على ابن السوداء! أما لقد كنت به عليا) (24).
فهذا الازعاج المستمر للسياسة الأموية، وهذا التحدي الدائب الذي كان