الغابة) (19) عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال:
شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفا. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار، فانظر من يقتله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (تقتله الفئة الباغية) فلما قتل عمار قال خزيمة (ظهرت لي الضلالة) ثم تقدم حتى قتل. وكان الجهاز الأموي السري يدرك مدى الخطورة التي ستواجهه فيما لو أتخذ تدابير قمعية مباشرة ضد عمار بن ياسر (رض) والحديث الذي اشتهر عندهم، كان أحد رواته (أبو هريرة) وهو أحد أنصارهم. لذلك سيحاولون عدم الوقوع في التناقض، فيما إذا أقدموا على مواجهة عمار.
وعمار بن ياسر (رض) كان أكثر استفزازا لعثمان وحاشيته. ومؤلبا عليه لا يفتر عن كشف مساوئه للناس.
وفي سنة خمس وثلاثين على حد تعبير المسعودي كثر الطعن على عثمان (رضي الله عنه) وظهر عليه النكير لأشياء ذكروها من (فعله) ثم ومن ذلك ذكر المسعودي (20) ما نال عمار بن ياسر من الفتن والضرب، وانحراف بني مخزوم عن عثمان من أجله. واستمرت تحركات عمار بن ياسر، في صفوف الناس، لا تثنيه عن مسؤوليته، هيبة الأمويين، ولا صولجان سلطانهم. وقد تلقى غير مرة تهديدا مباشرا من قبلهم. فما منعه ذلك من مواصلة نشاطاته المعارضة لعثمان ومن حوله من أزلام أموية. لقد قدم معاوية بن أبي سفيان من الشام بعد أن أحس بمن يعارض عثمان فأتى مجلسا فيه علي بن أبي طالب، وطلحة بن عبد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعمار بن ياسر، فقال لهم: يا معشر الصحابة: أوصيكم بشيخي هذا خيرا (عثمان)، فوالله لئن قتل بين أظهركم لأملأنها عليكم خيلا ورجالا، ثم أقبل على عمار بن ياسر وهذا التخصيص له أسبابه التي ذكرناها سابقا فقال: يا عمار، إن بالشام مئة ألف