على العجز والكسل في التماس الحقيقة التاريخية، عن طريق الجهد والجهاد (العلمي)!. والذين استلهم منهم الجابري وغيره من المعاصرين (قذيفة) السبئية هم مؤرخو السنة فقط.
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية: (وذكر سيف بن عمر أن سبب تألب الأحزاب على عثمان أن رجلا يقال له: عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأظهر الإسلام وصار إلى مصر فأوحى إلى طائفة من الناس كلاما اخترعه من عند نفسه) (5).
إنني لا أزال أتتبع حقيقة السبئية، حتى وجدتها أبأس (تلفيقة) في تاريخ الإسلام. بحيث سرعان ما تلاشى تماسكها، وتداعى صرحها التلفيقي. لينتهي إلى مصدر مجهول، كمجهولية (بن سبأ) نفسه. والذين ربطوا بين التشيع والسبئية، ليسوا إلا مستهلكين، لبضاعة أموية عتيقة.
يقول د. إبراهيم بيضون: والسبئية، أسطورة كانت أم حقيقة، فهي على هامش التشيع ومتناقضة في الصميم مع الفكر الشيعي، بخلفيته السياسية البحتة (6).
لقد أجاد المؤرخون السنة، تقنية التصوير التاريخي التركيبي حينما جعلوا من (عبد الله بن سبأ) صورة تبلغ حد الأسطورة. بحيث جعلوا منه شخصية قادرة على النفوذ في اللا شعور الإسلامي. لإعادة تشكيله. وجعلوا منه مرجعا لأفكار كانت هي المرتكز الأساسي للمعارضة، التي تزعمها كبار الصحابة، ضد عثمان!.
ولما كانت معارضة عثمان، ذات مسلك جماهيري. تقدمه رجال من كبار الصحابة، حاول المؤرخون السنة، التلفيق على عادتهم والتهجم على أحد أكابر الصحابة، وهو أبو ذر الغفاري واعتبروا عبد الله بن سبأ، هو ملهم، أفكار أبي ذر (رض) وهو الذي حرضه على معاوية بالشام وبالتالي على خلافة عثمان.