للعقوبة في زمن عثمان ومعاوية. بل ما أكدته أخبارهم، أنه قتل في عهد علي.
وما زلت أتسأل فيما إذا كان هذا زهدا في الجهاز الأموي تجاه أخطر شخصية وهمية تهدد مواقع الأمويين، وخلافة عثمان. لم أقو على استساغة أن (شبق) السلطة الذي أعماهم إلى درجة النيل من كبار الصحابة وقتل آل البيت النبوي، كيف زهدهم في النيل من شخصية مثل ابن سبأ لا وزن له في الوجدان الإسلامي يومئذ. أو إذا رفضنا هذا التصور، يمكن افتراض إن الجهاز الأموي كان مقرا بهذه المؤامرة، التي يتزعمها هذا اليهودي، أو ربما كانت لهم يد فيها.
وعلى أي حال فإن الوقائع التاريخية، تؤكد، بأن العنصر (الفتان) الذي أطلقوا عليه اسم عبد الله بن سبأ لم يكن إلا معارضا قويا، له وزنه في المجتمع الإسلامي. وما دام عبد الله بن سبأ الشخص الأسطوري لم نعثر عليه ضمن لائحة المحكوم عليهم بالعقوبة والتعزير في زمن عثمان. كان من المنطق الذي يدخل في الاعتبار عامل (اللعبة السياسية) الأموية، أن نبحث عنه حقيقة بين أشخاص المعارضة الرئيسيين، الذين طالتهم يد عثمان بالانتقام. فمن هم هؤلاء الذين شكلوا جبهة معارضة في زمن عثمان، ونالوا حقهم من القمع الأموي؟.
لقد ثبت عند المؤرخين إن الذين تزعموا حركة المعارضة في عهد عثمان هم رجال الصحابة، ومنهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر، وابن مسعود.. وعدد آخر من الصحابة سنتطرق إليهم أثناء الحديث عن خلافة عثمان. وكان عمار بن ياسر (رض) رجلا نشيطا، ومزعجا للأمويين، وعثمان.. مما حدى بهم إلى وضعه في منطقة الضوء، والتفكير في التخلص منه. وكان المانع لهم من قتله جهارا أو فرض العقوبة عليه، هو كونه غدا مقياسا في وجدان المسلمين للهدى والضلالة، منذ رسخ في ذلك الوجدان أن بن سمية، تقتله الفئة الباغية. وأنه ليس من مصلحة الطغمة الأموية يومئذ أن تتخذ ضده الإجراءات الحاسمة وتدخل معه في نزاع مباشر، إذا لسقطت إعلاميا، وخسرت باقي الجولات وكان مما حفظه المسلمون يومها من الرسول صلى الله عليه وآله ابن سمية عمار تقتله الفئة الباغية. ويدلنا على هذه (المعيارية) ما ذكره ابن الأثير في (أسد