فارس، كل يأخذ العطاء، مع مثلهم من أبنائهم وعبدانهم، لا يعرفون عليا ولا قرابته، ولا عمارا ولا سابقته، ولا الزبير ولا صحابته. فإياك يا عمار أن تقعد غدا في فتنة تنجلي، فيقال هذا قاتل عثمان، وهذا قاتل علي) (21).
وهذا التحذير لم يجد من تحرك عمار، في الكشف عن عورات الجهاز الأموي في خلافة عثمان. لقد جاء معاوية ووجه خطابه لجماعة من الصحابة. ثم خص عمارا بخطاب تقريعي، يحذره فيه من مغبة الاستمرار على (تحريضه) (فإياك يا عمار أن تقعد غدا في فتنة تنجلي) وكان على معاوية، أن يركز على رأس الحربة عبد الله بن سبأ فيما لو كان هو المحرض الحقيقي ضد عثمان. غير أنه ركز على عمار.. وفي ذلك لغز واضح!.
ومن ذلك ما ذكر بن قتيبة (في الإمامة والسياسة): (ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان، وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وكانوا عشرة: فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان، والكتاب في يد عمار جعلوا يتسللون عن عمار، حتى بقي وحده، فمضى حتى جاء دار عثمان، فاستأذن عليه، فأذن له في يوم شات، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية، فدفع إليه الكتاب فقرأه. فقال له: أنت كتبت هذا الكتاب؟
قال: نعم قال: ومن كان معك؟ قال كان معي نفر تفرقوا فرقا منك، قال:
من هم؟ قال: لا أخبرك بهم. قال: فلم اجترأت علي من بينهم؟ فقال مروان: يا أمير المؤمنين إن هذا العبد الأسود (يعني عمار) قد جرأ عليك الناس.
وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه، قال عثمان اضربوه، فضربوه وضربه عثمان معهم. حتى فتقوا بطنه، فغشي عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار، فأمرت به أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله فأدخل منزلها، وغضب فيه بنو المغيرة وكان حليفهم، فلما خرج عثمان لصلاة الظهر، عرض له هشام بن الوليد بن المغيرة، فقال: أما والله لئن مات عمار من ضربة هذا لأقتلن به رجلا عظيما من بني أمية،