صاحب أسد الغابة، أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطأوها الحسين.
لا تزال الحياة تدب في جسده الشريف، ولا يزال به رمق. فلا بد أن يتقدم إليه القوم ليحتزوا رأسه.
فبادر زرعة بن شريك بضرب كتفه الأيسر، ثم رماه الحصين في حلقه وطعنه سنان بن أنس في ترقوته، ورماه بسهم في نحره وطعنه آخرون على عاتقه وجنبه.
وارتفعت الأصوات، ونادت أم كلثوم وأخته زينب:
وا محمداه وا أبتاه وا علياه وا جعفراه وا حمزتاه هذا الحسين بالعراء صريع بكربلاء ثم نادت زينب:
ليت السماء أطبقت على الأرض وليت الجبال تدكدكت على السهل!.
ولا يزال الصياح يهز الميدان، والنوح تولول على الحسين (ع) والدنيا قد اظلمت، فالحسين صريع! ويقف عمر بن سعد، انزلوا إليه وأريحوه.
فانطلق شمر، فضربه برجله وأمسكه من لحيته وما زال يضربه بالسيف ثم احتز رأسه.
يقول اليعقوبي: (وانتهبوا مضاربه، وابتزوا حرمه، وحملوهن إلى الكوفة).
لقد أطمعهم في الحسين (ع) سيفه وملابسه. فراح كل واحد يلتمس له قطعة من لباسه ينهبها، فأخذ الأسود بن حنظلة سيفه، والأسود بن خالد، نعليه وإسحاق ابن حوية قميصه.
وقطعوا إصبعه الذي به الخاتم لما رأوا الدم قد تجمد والتصق به.
يقول صاحب أسد الغابة: إن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس، قتلت الحسين بن علي، وهو ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أعظم العرب خطرا، أراد أن يزيل ملك هؤلاء، فلو أعطوك بيوت أموالهم لكان قليلا، فأقبل على فرسه، وكان شجاعا به لوثة، فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد، وأنشده الأبيات: