اتخذوا من قاتلي الحسين، وأنصارهم وخاذليه، قدوة لهم وأسوة. ونماذج من الورع يقتدى بها. وما أكثر الطبول التي قرعت والمزامير التي عزفت، مدحا لشخصيات تاريخية. كانت من بين أولئك الذين اشتركوا في احتزاز رأس الحسين ونهب متاعه بخسة.
الذين قتلوا الحسين (ع) وهم يعلمون أنه خير من أميرهم، وسيد العرب والمسلمين، وما قتلوه إلا طمعا في الحطام الذي أمناهم به يزيد، أليسوا قادرين على تحريف الإسلام، واختلاق الأحاديث، بحثا عن نفس الحطام؟! لقد شيعني الحسين (ع) من خلال المأساة التي شاهدها هو وأهل البيت (ع) شيعني بدمائه العبيطة وهي تنساب على الرمل الأصفر بأرض الطفوف، وبصراخ الأطفال ونواح النساء. يومها ناديت، وقد انسكبت من عيني دمعة حزينة، حزينة ورقيقة، قلت والقلب تتمزقه الأحزان:
ويرثي ربابك دنيا الشجون * ودمع النواح وفيض الدما فرمس عداك كجحر الصقور * وسر هداك، مخور الدجى عظمت فأنت عظيم المقام * عظيم فأبشر بنصر السما ويرسي الزمان حراك النسور * وسير الذئاب بخبء السرى فدمعك سال بتلك الطفوف * وسال وسال بكل الثرى فصار رواء بكل الدهور * ورطبا جنيا لكل الدنى فيا أرض لا تقنطي بالقروح * ويا قوم لا تبطئوا في الخطى فحتما يعود لهدم الشرور * ويرسي المراح بردم القذى فذلك الزكي بكل فخار * ونجل قضم، وليث الوغى رجوت الصلاح بأرض العدا * بسبط الأمين، وطاب الثرى وأي شئ صنع الأعداء بموته، سوى إن حفروا قبورهم، ودقوا نعوشهم بالمسامير، ليدخلوا مقبرة التاريخ صاغرين، وما زلت أراه - أبا عبد الله - كبيرا في