لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٣٠٨
يا عمر بن سعد: هذا الحسين ابن بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى، فاسقوهم من الماء، قد أحرق الظمأ قلوبهم.
فصاح شمر: يا ابن أبي تراب - يقصد الإمام علي (ع) - لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لا سقيناكم منه قطرة، إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.
لقد جعلوها شرطا لحياتهم وحياة عيالهم. والحسين (ع) ليس مجنون حرب حتى يضحي بأهله وعياله في سبيل موت هو عنه في خيار. إلا أن المسألة تخضع لمعايير الإسلام. والإسلام مهدد فيما لو بايع الحسين (ع) رجع العباس، والأطفال يبكون من شدة الظمأ. فرق قلب العباس، واستنفر عزيمته، وانطلق في القوم، يقاوم يمينا وشمالا حتى أتى الفرات واغترف منه ماء، ورجع يقاوم جيش النفاق، فنصبوا له كمينا، وضربه بعضهم فقطع يمينه. واستمر في مسيره قاصدا الحسين، يريد إيصال قربة الماء، لسقي عطاشى آل البيت وهو يقول:
والله إن قطعتم يميني * إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين * نجل النبي الطاهر الأمين وانطلق بعيدا حتى باغته حكيم بن الطفيل من وراء نخلة فضربه على شماله، وقطع يده الأخرى.
وانهالت عليه السهام من كل جانب، وأصابت صدره وضرب رأسه فانفلق، وسقط صريعا وهو يقول: عليك مني السلام أبا عبد الله.
رآه الإمام الحسين (ع) فأي عبره تعكس حقيقة المأساة، وأي كلمة تعكس حقيقة الحزن الذي اعترى سيد الشهداء. لقد رؤي وهو يكفكف الدمع ويقول:
أما من مغيث يغيثنا؟ أما من مجير يجيرنا؟ أما من طالب حق ينصرنا، أما من خائف من النار فيذب عنا.
واعتل الصياح في الخيام، واشتد النواح، واختلطت أصوات النساء بأصوات الأطفال في مشهد تراجيدي تخرس عن وصفه ألسن الشعراء.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 313 314 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405