لقد قدر للإمام الحسين (ع) أن يدفع الثمن كله. ثمن أخيه وأبيه وجده.
طرح عليهم اختياراته فأبوا إلا أن ينزل على حكم ابن زياد. فقال لهم الحسين:
أنزل على حكم ابن زانية؟ لا والله لا أفعل، الموت دون ذلك أحلى.
لقد خرج الحسين في مهمة رسالية، فرضتها عليه ظروف المرحلة، مرحلة السيطرة الكاملة والسافرة للمجرمين وأعداء الشعوب على أمة، إنما وجدت لتخاطب البشرية بالفضيلة والسلام والحرية وكل المعاني التي اندكت في عهد بني أمية، كان هذا منهج الإمام الحسين (ع) وهو خارج إلى الكوفة. حيث قال، إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين) (238).
ثم راح (ع) يطوف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وأنهى عمرته (239).
لقد حاولوا تجبين الإمام، وهو في الطريق إلى الكوفة، غير أنه لم ينتبه إليهم.
مضى في طريقه إلى الموت وهو يهتف: سأمضي وما بالموت عار على الفتى. إذا نوى حقا وجاهد مسلما.
فهو لم ينهض من بعد أخيه، إلا لما نقض معاوية الوثيقة، ونصب ابنه على الأمة. وكيف يسكت الإمام الحسين (ع) على هذا الأمر. فلا بد لصوت أن ينطلق، ولا بد لضمير أن يهتز:
(إنا أهل بيت النبوة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد شارب الخمور وراكب الفجور، وقاتل النفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله).