قال: سبحان الله بلى والله لقد فعلتم.
فقال: أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض. فقال له قيس بن الأشعث: أولا تنزل على حكم بني عمك؟ فإنهم لن يروك إلا ما تحب ولن يصل إليك منهم مكروه!. فقال الحسين:
أنت أخو أخيك؟ أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟
لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد.
كان الإمام الحسين (ع) يحرص على كرامة الأمة ومصلحتها. ويحول دون يزيد وإذلالها: ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة.
وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.
لقد خذل الحسين (ع) وهو في أمس الحاجة إلى من ينصره. فما كان إلا أن يتوكل على الله. ودعا على القوم: اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنين كسني يوسف وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبره فإنهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير.
كانت لكلمة الإمام الحسين (ع) صدى، أدركت معناها قلوب القوم، غير أنها لم تستجب.
فدنيا يزيد أنفس لديهم من ظلم الحسين (ع) فهي الفرصة التي لا يضيعها لئيم. غير أن الكلمة كان لها وقع ثقيل، ولطيف. على رجل من كبار الفرسان، وهو الذي دفع بالإمام الحسين (ع) إلى كربلاء ومنعه عن دخول الكوفة. سمع الكلمة فوعاها. وكان هنالك خلف لكل إغراءات يزيد، رقة إيمان تسكن قلب الحر. فأقبل إلى عمر بن سعد وقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟.
قال: إي والله قتالا أيسره أن تسقط فيه الرؤس وتطيح الأيدي.
قال: ما لكم فيما عرضه عليكم من الخصال؟.