أشخاصها على مستوى الفكر الذي لا يزال يؤسس وعينا بالماضي والحاضر. غير أنني رأيتهم مكبلين بألف قيد، مثلما كنت مقيدا. وإن كنت قد استطعت كسر الأغلال عني، فإن غيري ضعف عن ذلك وبقي أسير الظلام. ثم أدركت أن الإسلام أعظم من أن يكبل أناسا لطلب العدالة في التاريخ وفي كل المستويات.
أدركت أن شيئا جديدا على روح الإسلام لوث صفاءه الروحي. أدركت أنه (المذهب). وفي ذلك الوقت عرفت أنني لا يمكنني أن أتعامل بتحرر وموضوعية مباشرة مع القرآن والنبي صلى الله عليه وآله فكان ضروريا أن أرفع القيود عني وأبدأ مسيرة جديدة في البحث عن الحقيقة جئت مرات ومرات عند أهل الخبرة من أهل السنة والجماعة، وكلما حدثتهم عن ذلك، امتعضوا وارتسم في وجوههم غضب، يسمونه الغضب لله! كانت وجهات نظرهم تنقسم إلى قسمين:
1 - بعضهم رد علي: ليس الحسين هو أول أو آخر من مات شهيدا مقتولا، فأنبياء الله قتلوا وصلبوا، فلماذا هذا التركيز والمبالغة في قتل الحسين؟.
2 - بعضهم قال: إننا إذا دخلنا في هذا الصراع، سوف ندخل في الفتنة، ونحن أمامنا مسؤوليات يجب أن نؤديها في واقعنا المعاصر، فلماذا أنت ترجع بنا إلى العهود القديمة؟.
وكنت أرى في كلا التبريرين روحا سطحية، وتخلفا حقيقيا في التعامل مع الإسلام والتاريخ.
أما بالنسبة للأولين، فكنت أردهم ردا عزيزا، ذلك أن مقتل الحسين (ع) له خصوصياته التي لا ينكرها أحد، وهي مأساة لم يشهد لها تاريخ الأنبياء مثيلا.
لأن الذين قتلوا الحسين وأهل بيته وقطعوا رأسه وسبوا نساءه كانوا ممن يدعي تمثيل الأمة، ويمثل الجماعة.
ثم إننا عندما نتحدث عن مقتل هؤلاء الأنبياء نجزم أتوماتيكيا بأن الذين قتلوهم ظالمون، ظالمون، كفار ملعونون. بينما عندما نتحدث عن الإمام الحسين (ع) لا نرى بينه وقاتليه فرقا يذكر، فنقول: إنه اجتهد، وقبح الله اجتهادا يوجه لسفك دماء أبناء النبي صلى الله عليه وآله