لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٣٢
الذي فرضته الوفود. فالتمسا من علي (ع) أن يأذن لهما في الذهاب إلى الحج، وهو يعلم أنهما لا يريدانه. وإنما يريدان اللحاق بعائشة، لقد انفتح الإمام علي (ع) عليهما، وتعامل معهما على أساس المسؤولية والإيمان. ولكن أين أبو الحسن من واقع الرجلين. إنه ولى طلحة اليمن، والزبير اليمامة والبحرين، فلما دفع إليهما عهديهما قالا له: وصلتك رحم!.
وهذه هي الفلتة النفسية التي أظهرها الواقع وعلى ألسنتهما، فالمسألة أصبحت تتحرك ضمن قوالب الأرحام. لم تعد القوانين والشرائع تجري وفق موازين العدل والانضباط. إنهما تعلما من الحقبة العثمانية، إن المسؤولية صلة رحم يشكر عليها، فهي عطاء وليست إدارة مسؤولية!، ولم يكن الإمام علي (ع) ليضعف أمام نعرة إنما ابتلى بها الله ضعاف العقول، وضيقي الآفاق أعطاهما درسا تاريخيا، تنتصر فيه العقيدة على القرابة، وتنتصر فيه المسؤولية على الرحم وتتكسر وشائج الدم والعرق على صخرة القانون! قال (ع):
وإنما وصلتكما بولاية أمور المسلمين، واسترد العهد منهم، فعتبا من ذلك، وقالا: آثرت علينا! فقال لهما: لولا ما ظهر من حرصكما لقد كان لي فيكما رأي (160).
كان من المفروض وفق النظرية السياسية الداعية للتمسك بالممكن، وأنصاف الحلول (والماكس - مين) و.. وأن يسكت عنهم الإمام علي (ع) أن يترك للزبير اليمامة والبحرين، ثم لطلحة اليمن، ولمعاوية الشام. فالقوم أصحاب دنيا، فليشغلهم بها. لقد كان هذا هو الصواب، هو السياسة!؟.
غير أن الواقع يختلف، والموضوع يتناقض مع مفهوم الممكن وأنصاف الحلول. فهذه غلطة وقع ضحيتها الكثير، والسبب في ذلك، إنهم لم يعيشوا شخصية الإمام علي (ع) بفضائها الأوسع، وإنما اقتصروا على البعد الضيق منها. وكذلك حال العباقرة والعظماء. وحتى استطاع الرعاع فهم العبقرية في

(160) - نفس المصدر.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405