الذي فرضته الوفود. فالتمسا من علي (ع) أن يأذن لهما في الذهاب إلى الحج، وهو يعلم أنهما لا يريدانه. وإنما يريدان اللحاق بعائشة، لقد انفتح الإمام علي (ع) عليهما، وتعامل معهما على أساس المسؤولية والإيمان. ولكن أين أبو الحسن من واقع الرجلين. إنه ولى طلحة اليمن، والزبير اليمامة والبحرين، فلما دفع إليهما عهديهما قالا له: وصلتك رحم!.
وهذه هي الفلتة النفسية التي أظهرها الواقع وعلى ألسنتهما، فالمسألة أصبحت تتحرك ضمن قوالب الأرحام. لم تعد القوانين والشرائع تجري وفق موازين العدل والانضباط. إنهما تعلما من الحقبة العثمانية، إن المسؤولية صلة رحم يشكر عليها، فهي عطاء وليست إدارة مسؤولية!، ولم يكن الإمام علي (ع) ليضعف أمام نعرة إنما ابتلى بها الله ضعاف العقول، وضيقي الآفاق أعطاهما درسا تاريخيا، تنتصر فيه العقيدة على القرابة، وتنتصر فيه المسؤولية على الرحم وتتكسر وشائج الدم والعرق على صخرة القانون! قال (ع):
وإنما وصلتكما بولاية أمور المسلمين، واسترد العهد منهم، فعتبا من ذلك، وقالا: آثرت علينا! فقال لهما: لولا ما ظهر من حرصكما لقد كان لي فيكما رأي (160).
كان من المفروض وفق النظرية السياسية الداعية للتمسك بالممكن، وأنصاف الحلول (والماكس - مين) و.. وأن يسكت عنهم الإمام علي (ع) أن يترك للزبير اليمامة والبحرين، ثم لطلحة اليمن، ولمعاوية الشام. فالقوم أصحاب دنيا، فليشغلهم بها. لقد كان هذا هو الصواب، هو السياسة!؟.
غير أن الواقع يختلف، والموضوع يتناقض مع مفهوم الممكن وأنصاف الحلول. فهذه غلطة وقع ضحيتها الكثير، والسبب في ذلك، إنهم لم يعيشوا شخصية الإمام علي (ع) بفضائها الأوسع، وإنما اقتصروا على البعد الضيق منها. وكذلك حال العباقرة والعظماء. وحتى استطاع الرعاع فهم العبقرية في