عليا (ع) قد باشر في خلع عمال عثمان المتملقين.
وأما كعب بن مالك فاستعمله على صدقة مزينة وترك له ما أخذ منها (155) وكذلك فعل عبد الله بن سلام والمغيرة بن شعبة. فهذا الأخير ما فتئ يلعب على الحبال.
تسلم الإمام علي (ع) مقاليد الخلافة وألقى خطبته الشهيرة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
(إن الله أنزل كتابا هاديا يبين فيه الخير والشر، فخذوا بالخير ودعوا الشر، الفرائض الفرائض، أدوها إلى الله تعالى يؤدكم إلى الجنة، إن الله حرم حرمات غير مجهولة وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق، لا يحل دم امرئ مسلم إلا بما يجب، بادروا أمر العامة، وخاصة أحدكم الموت، فإن الناس أمامكم وأن ما خلفكم الساعة تحدوكم، تخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر الناس أخراهم. اتقوا الله عباد الله في بلاده وعباده، إنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم. أطيعوا الله فلا تعصوه، وإذا رأيتم الخير فخذوا به، وإذا رأيتم الشر فدعوه، (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض).
كانت تلك صرخة روحية في مجتمع أنشد إلى طينة الأرض ونتانتها. كلمة رسالية مسؤولة في قوم غدا أكثرهم متداعي العزيمة. وييأس علي (ع) صدمة نفسية لمجتمع، لانت عقيدته من فرط الاستغناء الفاحش بعد الفاقة المدقعة.
وبعد سنوات من النهب والأرستقراطية يأتي الإمام علي (ع) ليقول: (أيها الناس، إنما أنا رجل منكم لي ما لكم، وعلي ما عليكم، وإني حاملكم على منهج نبيكم ومنفذ فيكم ما أمرت به. ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق لا يبطله شئ. ولو وجدته قد تزوج به النساء، وملك الإماء، وفرق في البلدان لرددته. فإن في