إننا عندما نريد العودة إلى الذات. نبحث في تجربة الإمام علي (ع) لأنها تجسد مظاهر ثقافتنا، وحضارتنا. وعندما يريد ضعافنا الحداثيون البحث عن النفاق السياسي، للتعامل مع الأطراف الدولية يبحثون في تجربة النفاق الأموي، لمعاوية. يبحث الثائر، الناهض، الغاضب، في تراث علي (ع) ويبحث البورجوازي، النفعي، التبعي، في تراث معاوية. وفي تراث الإمام علي (ع) السياسي، تجربة يجب التفتيش عنها في فضائه الوسيع.. ومع كل ذلك، فإن عليا شئ ومعاوية شئ آخر. ونحن ننعى الدهر كما نعاه الإمام نفسه لما قال:
(أنزلني الدهر حتى قيل علي ومعاوية)!.
أجل. لقد جاء من يفهم الحكم والسياسة على هذا الأساس. وكان المغيرة بن شعبة، ومن نصح عليا (ع) بهذا الأمر. غير أن الإمام علي (ع) أبى إلا أن يمارس منهجه، وموقفه الاستراتيجي. طلب منه ابن عباس، أن يهادن معاوية ويعطيه إمارة الشام. فطلب الإمام من ابن عباس، أن يطيعه - فقط - وأن ليس لمعاوية إلا السيف!.
خرج الزبير وطلحة إلى العمرة. لكن عليا (ع) أدرك أمرهما. وما همه ذلك. لأنه يسلك مخططا أبعد مما يتصوران. وقال لبعض أصحابه: والله ما أرادا العمرة، ولكنهما أرادا الغدرة (162). لحقا بعائشة في مكة وحرضاها على الخروج. وعائشة من، ولماذا؟.
كانت عائشة من الناقمين الأول على عثمان. ومرارا صاحت: اقتلوا نعثلا فقد كفر، وهي أول من أطلق عليه ذلك الاسم (163)، ولم تجب طلب مروان لها لنصرة عثمان والتوسط له مع القوم يوم الحصار، وهي تتأهب للعمرة. وسارت تؤلب عليه الناس جميعا، واعتبرت من أشد الناس عليه في ذلك الوقت. وعندما وقف عثمان مرة فخطب، دلت عائشة قميص رسول الله ونادت: